[ ص: 235 ] ( كتاب الوقف ) هو لغة الحبس ويرادفه التسبيل والتحبيس وأوقف لغة رديئة وأحبس أفصح من حبس على ما نقل لكن حبس هي الواردة في الأخبار الصحيحة ، وشرعا حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح
وأصله قوله تعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } ولما سمعها رضي الله عنه بادر إلى وقف أحب أمواله إليه أبو طلحة بيرحاء حديقة مشهورة كذا قالوه وهو مشكل فإن الذي في حديثه في الصحيحين وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وأنها صدقة له تعالى وهذه الصيغة لا تفيد الوقف لشيئين أحدهما أنها كناية فيتوقف على العلم بأنه نوى الوقف بها لكن قد يقال سياق الحديث دال على أنه نواه بها ثانيهما وهو العمدة أنهم فلا يكفي قوله لله عنه بخلافه في الوصية كما يأتي مع الفرق فقوله وأنها صدقة لله تعالى لا يصلح للوقف عندنا وإن نواه بها وحينئذ فكيف يقولون أنه وقفها فهو : إما غفلة عما في الحديث أو بناء على أن الوقف كالوصية وخبر شرطوا في الوقف بيان المصرف { مسلم } وحمل العلماء الصدقة الجارية على الوقف [ ص: 236 ] دون نحو الوصية بالمنافع المباحة لندرتها ووقف إذا مات المسلم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح أي مسلم يدعو له عمر رضي الله عنه أرضا أصابها بخيبر بأمره صلى الله عليه وسلم وشرط فيها شروطا منها أنه لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب وأن من وليها يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه رواه الشيخان وهو أول وقف في الإسلام وقيل بل { وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال مخيريق التي أوصى بها له في السنة الثالثة } وجاء عن ما بقي أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له مقدرة حتى وقف وأشار جابر رضي الله عنه إلى أن هذا الوقف بالمعروف حقيقة شرعية لم تعرفه الجاهلية . الشافعي
وعن أنه لما سمع خبر أبي يوسف عمر أنه لا يباع أصلها رجع عن قول رضي الله عنه أبي حنيفة وقال لو سمعه لقال به وإنما يتجه الرد به على ببيع الوقف إن كان يقول ببيعه أي الاستبدال به وإن شرط الواقف عدمه أبي حنيفة موقوف وموقوف عليه وصيغة وواقف وبدأ به ؛ لأنه الأصل وأركانه