( ومن ؛ لأنه يحفظها لمالكها كالوديع ومن ثم ضمنها إذا قصر كأن ترك تعريفا لزمه على ما يأتي ومحله كما بحثه أخذ لقطة للحفظ أبدا ) وهو أهل للالتقاط ( فهي ) كدرها ونسلها ( أمانة بيده ) الأذرعي وسيأتي عن النكت وغيرها ما يصرح به حيث لم يكن له عذر معتبر في تركه أي كخشية أخذ ظالم لها وكذا الجهل بوجوبه إن عذر به على الأوجه ( فإن دفعها إلى القاضي لزمه القبول ) حفظا لها على صاحبها ؛ لأنه ينقلها إلى أمانة أقوى وإنما لم يلزمه قبول الوديعة حيث لا ضرورة لإمكان ردها لمالكها مع أنه التزم الحفظ له وكذا لو أخذ للتملك ثم تركه وردها له يلزمه القبول وظاهر أنه لا يجوز دفعها لقاض غير أمين وأنه لا يلزمه القبول وأن الدافع له يضمنها ( ولم يوجب الأكثرون ( والحالة هذه ) أي كونه أخذها للحفظ ؛ لأن الشرع إنما أوجبه لأجل أن له التملك بعده . التعريف ) في غير لقطة الحرم
وقال الأقلون يجب أي حيث لم يخف أخذ ظالم لها كما يعلم مما يأتي لئلا يفوت الحق بالكتم واختاره وقواه في الروضة وصححه في شرح واعتمده مسلم الأذرعي ؛ لأن صاحبها قد لا يمكنه إنشادها لنحو سفر أو مرض أي بالعزم على تركه من أصله ولا يرتفع ضمانه به لو بدا له بعد قال ولا يلزمه مؤنة التعريف في ماله على القولين خلافا لما نقله ويمكن الملتقط التخلص عن الوجوب بالدفع للقاضي الأمين فيضمن بترك التعريف الغزالي أن المؤنة تابعة للوجوب [ ص: 331 ] ولو بدا له قصد التملك أو الاختصاص عرفها سنة من حينئذ ولا يعتد بما عرفه قبله أما إذا أخذها للتملك أو الاختصاص فيلزمه التعريف جزما ( فلو قصد بعد ذلك ) أي أخذها للحفظ وكذا بعد أخذها للتملك ( خيانة لم يصر ضامنا ) بمجرد القصد ( في الأصح ) فإن انضم لقصد ذلك استعمال أو نقل من محل لآخر ضمن كالوديع فيها ويؤخذ منه أنه يأتي هنا جميع ما يأتي ثم في مسائل الاستعمال والنقل ونحوهما وإذا ضمن في الأثناء بخيانة ثم أقلع وأراد أن يعرف ويتملك جاز وإنما لم يعد الوديع أمينا بغير استئمان ثان من المالك لجواز الوديعة فلم تعد بعد رفعها بغير عقد بخلاف اللقطة .
وخرج بالأثناء ما في قوله ( وإن فضامن ) لقصده المقارن لأخذه ويبرأ بالدفع لحاكم أمين ( وليس له بعده أن يعرف ويتملك ) أو يختص ( على المذهب ) نظرا للابتداء ؛ لأنه غاصب ( وإن أخذ ) ها ( بقصد خيانة ( ف ) هي ( أمانة ) بيده ( مدة التعريف وكذا بعدها ما لم يختر التملك في الأصح ) كما قبل مدة التعريف وإن أخذها لا بقصد حفظ ولا تملك أو لا بقصد خيانة ولا أمانة أو بقصد أحدهما ونسيه فأمانة وله تملكها بشرطه اتفاقا وقضية كلام أخذ ) ها ( ليعرف ويتملك ) بعد التعريف شارح هنا أنه يكون أمينا في الاختصاص ما لم يختص به فيضمنه حينئذ كما في التملك وهو غفلة عما مر في الغصب إن الاختصاص يحرم غصبه ولا يضمن إن تلف أو أتلف ( و ) عقب الأخذ ( يعرف ) بفتح أوله ندبا على الأوجه وفاقا للأذرعي وغيره وخلافا لابن الرفعة محل التقاطها و ( جنسها وصفتها ) الشامل لنوعها ( وقدرها ) بعدد أو ذرع أو كيل أو وزن ( وعفاصها ) أي وعاءها توسعا إذ أصله جلد يلبس رأس القارورة كذا قال شارح وفيه نظر فإن عبارة القاموس صريحة في أنه مشترك بين الوعاء الذي فيه النفقة جلدا أو خرقة [ ص: 332 ] وغلاف القارورة والجلد الذي يغطى به رأسها ( ووكاءها ) بكسر أوله وبالمد أي خيطها المشدودة به لأمره صلى الله عليه وسلم بمعرفة هذين وقيس بهما غيرهما لئلا تختلط بغيرها وليعرف صدق واصفها ويسن تقييدها بالكتابة كما مر خوف النسيان .
أما عند تملكها فتجب معرفة ذلك على الأوجه ليخرج منه لمالكها إذا ظهر ( ثم ) بعد معرفته ذلك ( يعرفها ) بضم أوله وجوبا أو ندبا على ما مر بنفسه أو نائبه من غير أن يسلمها له العاقل الذي لم يشتهر بالمجون والخلاعة ولو غير عدل إن وثق بقوله ولو محجورا عليه بسفه وافهم قوله ثم إنه لا تجب المبادرة للتعريف وهو ما صححاه لكن خالف فيه فقال يجب فورا واعتمده القاضي أبو الطيب الغزالي قيل قضية الأول جواز التعريف بعد عشرين سنة وهو في غاية البعد والظاهر أن مراده بذلك عدم الفورية المتصلة بالالتقاط ا هـ وتوسط الأذرعي فقال لا يجوز تأخيرها عن زمن تطلب فيه عادة ويختلف بقلتها وكثرتها ووافقه البلقيني فقال يجوز التأخير ما لم يغلب على ظنه فوات معرفة المالك به ولم يتعرضوا له انتهى وقد تعرض له في النهاية فإنه حكى فيها وجها أن التعريف ينفع وإن نسيت اللقطة وإن ذلك التأخير يتجبر بأن يذكر في التعريف وقت وجدانها وجوبا وأن من قال ندبا فقد تساهل فالحاصل أنه متى أخر حتى ظن نسيانها ثم عرف وذكر وقت وجدانها جاز وإلا فلا وأن ما مر عن الشيخين مقيد بذلك .
وعن الأذرعي والبلقيني قوي مدركا لا نقلا وفي نكت المصنف كالجيلي أنه لو غلب على ظنه أخذ ظالم لها حرم التعريف وكانت بيده أمانة أبدا [ ص: 333 ] أي فلا يتملكها بعد السنة كما أفتى به الغزالي لكن أفتى ابن الصباغ بأنه لو خشي من التعريف استئصال ماله عذر في تركه وله تملكها بعد السنة والأول أوجه ( في الأسواق ) عند قيامها ( وأبواب المساجد ) عند خروج الناس منها ؛ لأنه أقرب إلى وجدانها ويكره تنزيها مع رفع الصوت كما في شرح المهذب وقيل تحريما وانتصر له غير واحد بل حكى فيه الماوردي الاتفاق بمسجد كإنشادها فيه واستثنى الماوردي والشاشي المسجد الحرام والفرق أنه لا يمكن تملك لقطة الحرم فالتعريف فيه محض عبادة بخلاف غيره فإن المعرف منهم بقصد التملك وبه يرد على من ألحق به مسجد المدينة والأقصى وعلى تنظير الأذرعي في تعميم ذلك لغير أيام الموسم ( ونحوها ) من المجامع والمحافل ومحاط الرحال لما مر وليكن أكثره بمحل وجودها ولا يجوز له السفر بها بل يعطيها بأمر القاضي من يعرفها وإلا ضمن نعم لمن وجدها بالصحراء تعريفها بمقصده قرب أم بعد استمر أم تغير وقيل يتعين أقرب البلاد لمحلها واختير .
وإن جازت بمحلها قافلة تبعها وعرفها