( ويحكم بإسلام الصبي بجهتين أخريين لا يفرضان في لقيط ) وإنما ذكر في بابه استطرادا ( إحداهما الولادة فإذا كان أحد أبويه مسلما وقت العلوق ) وإن علا ولو أنثى غير وارثة أو قنا قبل الظفر به أو بعده كما يأتي بسطه في السير وإن حدث الولد بعد موته على الأوجه من تردد فيه ولو مع وجود حي أقرب منه بشرط نسبته إليه نسبة تقتضي التوارث ولو بالرحم فلا يرد آدم أبو البشر صلى الله على نبينا وعليه وسلم ( فهو مسلم ) إجماعا [ ص: 353 ] وإن ارتد بعد العلوق ( فإن بلغ ووصف كفرا ) أي أعرب به عن نفسه كما بأصله ( فمرتد ) ؛ لأنه مسلم ظاهرا وباطنا ( ولو علق بين كافرين ثم أسلم أحدهما ) وإن علا كما ذكر قبل بلوغه ولو بعد تمييزه ( حكم بإسلامه ) إجماعا في إسلام الأب ولخبر { الإسلام يعلو ولا يعلى عليه } ولو أمكن احتلامه فادعاه قبل إسلام أصله فظاهر إطلاقهم قبول قوله فيه لزمن إمكانه قبوله هنا فلا يحكم بإسلامه .
وبحث أبي زرعة عدم قبوله إلا إن نبت شعر عانته الخشن فيه نظر ظاهر اللهم إلا أن يقال الاحتياط للإسلام يلغى قوله المانع له لاحتمال كذبه فيه والأصل بقاء الصغر وقد سئلت عن يهودي أسلم ثم وجد بنته مزوجة فادعى صباها لتتبعه وادعت البلوغ هي وزوجها فأفتيت بأنه يصدق أما في دعوى الاحتلام فلما تقرر أن الاحتياط للإسلام اقتضى مخالفة القاعدة من تصديق مدعي البلوغ بالاحتلام وأما في دعوى السن أو الحيض فبالأولى لإمكان الاطلاع عليهما فكلف مدعي أحدهما البينة وقد صرحوا بأنه لو باع أو كاتب أو قتل ثم ادعى صبا يمكن صدق بخلاف ما لو زوج ؛ لأن النكاح يحتاط له ويجري بين الناس فكون الولي صبيا بعيد جدا فلم يلتفت إليه وإن أمكن والمجنون المحكوم بكفره يلحق أحد أبويه إذا أسلم كالصبي ( فإن بلغ ووصف كفرا فمرتد ) لسبق الحكم بإسلامه ظاهرا وباطنا ( وفي قول ) هو ( كافر أصلي ) ؛ لأن تبعيته أزالت الحكم بكفره وقد زالت باستقلاله فعاد لما كان عليه أولا [ ص: 354 ] وبني عليه أنه يلزمه التلفظ بالإسلام بعد البلوغ بخلافه على الأول ومن ثم لو مات قبل التلفظ جهز كمسلم بل قال الإمام وصوبه في الروضة هو كذلك على الثاني أيضا ؛ لأن هذه الأمور مبنية على الظواهر .
وظاهره الإسلام انتهى وكأنهم لم ينظروا لوجوب التلفظ عليه على الثاني ؛ لأن تركه يوجب الإثم لا الكفر كما هو ظاهر وقول الأحياء كالحليمي المسلم بإسلام أحد أبويه لا يغني عنه إسلامه شيئا ما لم يسلم بنفسه إما غريب بل سبق قلم على ما قاله الأذرعي أو مفرع على وجوب التلفظ ولو تلفظ ثم ارتد فمرتد قطعا ولا ينقض ما جرى عليه من أحكام الإسلام قبل ردته على الأصح الجهة ( الثانية إذا سبى مسلم ) ولو صبيا مجنونا وإن كان معه كافر كامل ( طفلا ) أو مجنونا والمراد الجنس ليشمل ذكر كل وأنثاه المتحد والمتعدد ( تبع السابي في الإسلام ) ظاهرا وباطنا ( إن لم يكن معه أحد أبويه ) إجماعا خلافا لمن شذ ؛ ولأنه صار تحت ولايته كالأبوين وقضية الحكم بإسلامه باطنا أنه لو بلغ ووصف الكفر كان مرتدا وهو متجه خلافا لما يوهمه كلام شارح أنه كافر أصلي ثم رأيتهم صرحوا بما ذكرته أما إذا كان معه أحدهما وإن علا فيما يظهر ثم رأيت الأذرعي أشار إليه بأن كانا في جيش واحد وغنيمة واحدة وإن لم يتحد المالك وقد سبيا معا أو تقدم الأصل فيما يظهر خلافا لمن أطلق عن تعليق القاضي أنه إذا سبق سبي أحدهما سبي الآخر تبع السابي فلا يحكم بإسلامه ؛ لأن تبعيتهما أقوى من تبعية السابي وإن ماتا بعد ؛ لأن التبعية إنما تثبت في ابتداء السبي .
( ولو سباه ذمي ) قال الإمام قاطن ببلادنا والبغوي ودخل به دارنا والدارمي وسباه في جيشنا وكل إنما هو قيد للخلاف في قولهم ( لم يحكم بإسلامه ) بل بكونه على دين سابيه لا أبويه ( في الأصح ) ؛ لأن كونه من أهل دارنا لم يفده كذريته الإسلام فمسبيه أولى ولا يفيده حينئذ إسلام أبويه [ ص: 355 ] على ما قاله الحليمي وهو إن صح مقيد لما مر من تبعية الأصول والظاهر أنه ليس كذلك ومن ثم قال السبكي قياسه أنهما لو أسلما بأنفسهما بدارهم أو خرجا إلينا وأسلما لا يحكم بإسلامه لانفراده عنهما قبل ذلك وما أظن الأصحاب يسمحون به انتهى وخرج بسباه في جيشنا نحو سرقته له بأن قلنا يملكه كله فكذلك أو غنيمة وهو الأصح فهو مسلم ؛ لأن بعضه للمسلمين وبحث السبكي ومن تبعه أنه لو أسلم سابيه الذمي أو قهر حربي صغيرا حربيا وملكه ثم أسلم تبعه ؛ لأن له عليه ولاية وملكا وذلك علة الإسلام في السابي المسلم وفي فتاوى البغوي إبداء وجهين في كافر اشترى صغيرا ثم أسلم هل يتبعه والذي يتجه منهما أنه لا يتبعه بل وكذا فيما قبله ولا يلحق بالسبي غيره ؛ لأنه مع كونه أقوى في القهر إنما يؤثر ابتداء فلا يقاس به غيره في الأثناء ثم رأيت الشيخين صرحا بما قدمته أن التبعية إنما تثبت في ابتداء السبي وهو يؤيد ما ذكرته والمستأمن كالذمي


