قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19731_28902_31742_34131_34246_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب nindex.php?page=treesubj&link=28723_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=74ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز
الخطاب بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يا أيها الناس قيل: هو خطاب يعم العالم، وقيل: هو خطاب للمؤمنين حينئذ الذين أراد الله -تعالى- أن يبين عندهم خطأ الكافرين، ولا شك أن المخاطب هم ولكنه خطاب يعم جميع الناس، متى نظره أحد في أمر عبادة الأوثان توجه له الخطاب.
واختلف المتأولون في فاعل "ضرب"، من هو؟ فقالت فرقة: المعنى: ضرب أهل الكفر مثلا لله أصنامهم وأوثانهم. فاستمعوا أنتم أيها الناس لأمر هذه الآلهة، وقالت فرقة: المعنى: ضرب الله تعالى مثلا لهذه الأصنام وهو كذا وكذا، فالمثال والمثل في القول الأول هي الأصنام، والذي جعل له المثال الله -تعالى- والمثال في التأويل الثاني هو في الذباب وأمره، والذي جعل له هي الأصنام، ومعنى "ضرب": أثبت وألزم، وهذا كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=112ضربت عليهم الذلة ، وقولنا: ضربت الجزية وضرب البعث، ويحتمل أن يكون "ضرب المثل" من الضرب الذي هو المثل، ومن قولك: "هذا ضرب هذا"، فكأنه قال: مثل مثل.
وقرأت فرقة: "يدعون" بالياء من تحت، والضمير للكفار، وقرأت فرقة: "يدعون" بضم الياء وفتح العين على ما لم يسم فاعله والضمير للأصنام.
وبدأ -تعالى- بنفي الخلق والاختراع عنهم من حيث هي صفة ثابتة له مختصة به،
[ ص: 274 ] فكأنه قال: ليس لهم صفتي، ثم ثنى بالأمر الذي بلغ بهم غاية التعجيز، وذكر تعالى أمر سلب الذباب لأنه كان كثيرا محسوسا عند
العرب ، وذلك أنهم كانوا يضمخون أوثانهم بأنواع الطيب فكان الذباب يذهب بذلك، وكانوا متألمين من هذه الجهة فجعلت مثلا. و"الذباب" جمعه "أذبة" في القليل و"ذبان" في الكثير كغراب وأغربة وغربان، ولا يقال ذبابات إلا في الذيول لا في الحيوان.
واختلف المتأولون في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ضعف الطالب والمطلوب فقالت فرقة: أراد بالطالب الأصنام وبالمطلوب الذباب -أي: أنهم ينبغي أن يكونوا طالبين لما سلب من طيبهم على معهود الأنفة من الحيوان. وقالت فرقة: معناه ضعف الكفار في طلبهم الصواب والفضيلة من جهة الأصنام، وضعف الأصنام في إعطاء ذلك وإنالته.
قال
القاضي أبو محمد -رحمه الله:
ويحتمل أن يريد ضعف الطالب وهو الذباب في استلابه ما على الأصنام، وضعف الأصنام في ألا منعة لهم، وعلى كل قول فدل ضعف الذباب الذي هو محسوس مجمع عليه وضعف الأصنام في ألا منعة لهم عن هذا المجمع على ضعفه على أن الأصنام في أحط رتبة وأخس منزلة.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=74ما قدروا الله حق قدره خطاب للناس المذكورين، والضمير في "قدروا" للكفار، والمعنى: ما وفوه حقه من التعظيم والتوحيد، ثم أخبر بقوة الله -تعالى- وعزته، وهما صفتان مناقضتان لعجز الأصنام.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19731_28902_31742_34131_34246_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ nindex.php?page=treesubj&link=28723_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=74مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
الْخِطَابُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّاسُ قِيلَ: هُوَ خِطَابٌ يَعُمُ الْعَالَمَ، وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ حِينَئِذٍ الَّذِينَ أَرَادَ اللَّهُ -تَعَالَى- أَنْ يُبَيِّنَ عِنْدَهُمْ خَطَأَ الْكَافِرِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُخَاطَبَ هُمْ وَلَكِنَّهُ خِطَابٌ يَعُمْ جَمِيعَ النَّاسِ، مَتَى نَظَرَهُ أَحَدٌ فِي أَمْرِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ تَوَجَّهَ لَهُ الْخِطَابُ.
وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي فَاعِلِ "ضُرِبَ"، مَنْ هُوَ؟ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمَعْنَى: ضُرِبَ أَهْلُ الْكُفْرِ مَثَلًا لِلَّهِ أَصْنَامَهُمْ وَأَوْثَانَهُمْ. فَاسْتَمِعُوا أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ لِأَمْرِ هَذِهِ الْآلِهَةِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمَعْنَى: ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى مَثَلًا لِهَذِهِ الْأَصْنَامِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا، فَالْمِثَالُ وَالْمَثَلُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ هِيَ الْأَصْنَامُ، وَالَّذِي جُعِلَ لَهُ الْمِثَالُ اللَّهُ -تَعَالَى- وَالْمِثَالُ فِي التَّأْوِيلِ الثَّانِي هُوَ فِي الذُّبَابِ وَأَمْرُهُ، وَالَّذِي جُعِلَ لَهُ هِيَ الْأَصْنَامُ، وَمَعْنَى "ضُرِبَ": أُثْبِتَ وَأُلْزِمْ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=112ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ، وَقَوْلُنَا: ضُرِبَتِ الْجِزْيَةُ وَضُرِبَ الْبَعْثُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "ضُرِبَ الْمَثَلُ" مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ الْمَثَلُ، وَمِنْ قَوْلِكَ: "هَذَا ضَرْبٌ هَذَا"، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مِثْلَ مَثَلٍ.
وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: "يَدْعُونَ" بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتِ، وَالضَّمِيرُ لِلْكُفَّارِ، وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: "يُدْعَوْنَ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتَحَ الْعَيْنَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَالضَّمِيرُ لِلْأَصْنَامِ.
وَبَدَأَ -تَعَالَى- بِنَفْيِ الْخَلْقِ وَالِاخْتِرَاعِ عَنْهُمْ مِنْ حَيْثُ هِيَ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ لَهُ مُخْتَصَّةٌ بِهِ،
[ ص: 274 ] فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ صِفَتِي، ثُمْ ثَنَّى بِالْأَمْرِ الَّذِي بَلَغَ بِهِمْ غَايَةَ التَّعْجِيزِ، وَذَكَرَ تَعَالَى أَمْرَ سَلْبِ الذُّبَابِ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا مَحْسُوسًا عِنْدَ
الْعَرَبِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضَمِّخُونَ أَوْثَانَهُمْ بِأَنْوَاعِ الطَّيِّبِ فَكَانَ الذُّبَابُ يَذْهَبُ بِذَلِكَ، وَكَانُوا مُتَأَلِّمِينَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَجُعِلَتْ مَثَلًا. وَ"الذُّبَابُ" جَمْعُهُ "أَذُبَّةٌ" فِي الْقَلِيلِ وَ"ذِبَّانٌ" فِي الْكَثِيرِ كَغُرَابُ وَأَغْرِبَةٌ وَغِرْبَانٌ، وَلَا يُقَالُ ذُبَابَاتٌ إِلَّا فِي الذُّيُولِ لَا فِي الْحَيَوَانِ.
وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: أَرَادَ بِالطَّالِبِ الْأَصْنَامَ وَبِالْمَطْلُوبِ الذُّبَابَ -أَيْ: أَنَّهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا طَالِبِينَ لِمَا سُلِبَ مِنْ طِيبِهِمْ عَلَى مَعْهُودِ الْأَنَفَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَاهُ ضَعُفَ الْكُفَّارُ فِي طَلَبِهِمُ الصَّوَابَ وَالْفَضِيلَةَ مِنْ جِهَةِ الْأَصْنَامِ، وَضَعُفَ الْأَصْنَامُ فِي إِعْطَاءِ ذَلِكَ وَإِنَالَتِهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَهُوَ الذُّبَابُ فِي اسْتِلَابِهِ مَا عَلَى الْأَصْنَامِ، وَضَعُفَ الْأَصْنَامُ فِي أَلَّا مَنَعَةَ لَهُمْ، وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَدَلَّ ضَعْفُ الذُّبَابِ الَّذِي هُوَ مَحْسُوسٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَضَعْفُ الْأَصْنَامِ فِي أَلَّا مَنَعَةَ لَهُمْ عَنْ هَذَا الْمُجْمَعِ عَلَى ضَعْفِهِ عَلَى أَنَّ الْأَصْنَامَ فِي أَحَطِّ رُتْبَةٍ وَأَخَسِّ مَنْزِلَةٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=74مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ خِطَابٌ لِلنَّاسِ الْمَذْكُورِينَ، وَالضَّمِيرُ فِي "قَدَرُوا" لِلْكُفَّارِ، وَالْمَعْنَى: مَا وَفَّوْهُ حَقَّهُ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّوْحِيدِ، ثُمْ أَخْبَرَ بِقُوَّةِ اللَّهِ -تَعَالَى- وَعِزَّتِهِ، وَهُمَا صِفَتَانِ مُنَاقِضَتَانِ لِعَجْزِ الْأَصْنَامِ.