قوله عز وجل:
ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون
الضمير في قوله تعالى: "لنذيقنهم" بكفار قريش، أعلم الله تعالى أنه يصبهم بعذاب دون عذاب الآخرة لعلهم يتوبون ويتعظون، ولا خلاف أن العذاب الأكبر هو عذاب الآخرة، واختلف المتأولون في تعيين العذاب الأدنى، فقال ، إبراهيم النخعي : هم السنون التي أجاعهم الله فيها، وقال ومقاتل ، ابن عباس : هو مصائب الدنيا من الأمراض ونحوها، وقاله وأبي بن كعب ، وقال ابن زيد ، ابن مسعود هو القتل بالسيف كبدر وغيرها. والحسن بن علي:
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فيكون - على هذا التأويل "الراجع" غير "الذي يذوق"، بل الذي يبقى بعده، وتختلف رتبتا ضمير الذوق مع ضمير لعل. وقال - رضي الله عنه - أيضا: هي البطشة، واللزام والدخان، وقال أبي بن كعب - رضي الله عنهما - أيضا: عنى بذلك الحدود. ابن عباس
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين. وقال : عنى بذلك عذاب القبر. مجاهد
[ ص: 80 ] ثم قال تعالى على جهة التعجب والتقرير -: ومن أظلم ، أي: لا أحد أظلم ممن هذه صفته، وهي بخلاف ما تقدم في صفة المؤمنين من أنهم إذا ذكروا بآيات الله خروا سجدا، ثم توعد تبارك وتعالى المجرمين، وهم المتجاسرون على ركوب الكفر والمعاصي بالقوة، وظاهر الإجرام هنا أنه الكفر.
وحكى عن الطبري يزيد بن رفيع أنه قال: إن قول الله تعالى في القرآن: إنا من المجرمين منتقمون إنما هو في أهل القدر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يريد القائلين بأن أفعال العبد من قبله، قال: ثم قرأ يزيد بن رفيع: إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
في هذا المنزع من البعد ما لا خفاء به. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: معاذ بن جبل "ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير حق، ومن عق والديه، أو مشى مع ظالم ينصره".