قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=30515_30551_30563_30564_30569_32517_33679_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا [ ص: 102 ] nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "أشحة" جمع شحيح، ونصبه على الحال من "القائلين": أو من فعل مضمر دل عليه قوله: "المعوقين"، أو من الضمير في "يأتون"، أو على الذم، وقد منع بعض النحاة أن يعمل في هذه الحال "المعوقين" أو"القائلين" لمكان التفريق بين الصلة والموصول بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18ولا يأتون البأس وهو غير داخل في الصلة. وهذا الشح قيل: هو بأنفسهم على المؤمنين، وقيل: هو بإخوانهم، وقيل: بأموالهم في النفقات في سبيل الله، وقيل: بالغنيمة عند القسم، والصواب تعميم الشح، وأن يكون بكل ما فيه للمؤمنين منفعة.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فإذا جاء الخوف ، قيل: معناه: فإذا قوي الخوف من العدو، وتوقع أن يستأصل جميع أهل المدينة، لاذ هؤلاء المنافقون بك، ينظرون نظر الهلع المختلط، كنظر الذي يغشى عليه من الموت، "فإذا ذهب" ذلك الخوف العظيم
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "سلقوكم" أي: خاطبوكم مخاطبة بليغة، يقال: خطيب سلاق ومسلاق ومسلق، ولسان أيضا كذلك إذا كان فصيحا مقتدرا، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : "صلقوكم" بالصاد. ووصف الألسنة بالحدة لقطعها المعاني، ونفوذها في الأقوال.
وقالت فرقة: معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فإذا جاء الخوف أي: إذا كان المؤمنون في قوة وظهور، وخشي هؤلاء المنافقون سطوتك يا
محمد بهم رأيتهم يصانعون وينظرون إليك نظر فازع منك خائف هلع، فإذا ذهب خوفك عنهم باشتغالك بعدو ونحوه - كما كان مع الأحزاب - سلقوكم حينئذ. واختلف الناس في المعنى الذي فيه يسلقون، فقال
يزيد بن رومان وغيره: ذلك في أذى المؤمنين وسبهم وتنقيص الشرع ونحو هذا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : ذلك في طلب العطاء من الغنيمة والإلحاف في المسألة. وهذان القولان يترتبان مع كل واحد من التأويلين المتقدمين في الخوف، وقالت فرقة: السلق هو في مخادعة المؤمنين بما يرضيهم من القول على جهة المصانعة والمخاتلة.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "أشحة" حال من الضمير في
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "سلقوكم"، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "على الخير" يدل على
[ ص: 103 ] عموم الشح في قوله أولا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة عليكم ، وقيل في هذا: معناه: أشحة على مال الغنائم، وهذا مذهب من قال: إن "الخير" في كتاب الله حيث وقع فهو بمعنى المال. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : "أشحة" بالرفع، ثم أخبر تبارك وتعالى عنهم أنهم لم يؤمنوا، ولا كمل تصديقهم، وجمهور المفسرين على أن هذه الإشارة إلى منافقين لم يكن لهم قط إيمان، ويكون قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فأحبط الله أعمالهم أي أنها لم تقبل قط، أنها كالمحبطة، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد عن أبيه أنه قال: نزلت في رجل بدري نافق بعد ذلك ووقع في هذه المعاني فأحبط الله عمله في بدر وغيرها، وهذا فيه ضعف.
والإشارة بـ"ذلك" في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19وكان ذلك على الله يسيرا يحتمل أن تكون إلى إحباط عمل هؤلاء المنافقين، ويحتمل أن تكون إلى جملة حالهم وما وصف من شحهم ونظرهم وغير ذلك من أعمالهم، أي أن أمرهم يسير لا يبالي به، ولا له أثر في دفع خير ولا جلب شر.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=30515_30551_30563_30564_30569_32517_33679_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهُ يَسِيرًا [ ص: 102 ] nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "أَشِحَّةً" جَمْعُ شَحِيحٍ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنَ "الْقَائِلِينَ": أَوْ مِنْ فِعْلٍ مُضْمَرٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: "الْمُعَوِّقِينَ"، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي "يَأْتُونَ"، أَوْ عَلَى الذَّمِّ، وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ النُّحَاةِ أَنْ يَعْمَلَ فِي هَذِهِ الْحَالِ "الْمُعَوِّقِينَ" أَوِ"الْقَائِلِينَ" لِمَكَانِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الصِّلَةِ. وَهَذَا الشُّحُّ قِيلَ: هُوَ بِأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ: هُوَ بِإِخْوَانِهِمْ، وَقِيلَ: بِأَمْوَالِهِمْ فِي النَّفَقَاتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقِيلَ: بِالْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْقَسْمِ، وَالصَّوَابُ تَعْمِيمُ الشُّحِّ، وَأَنْ يَكُونَ بِكُلِّ مَا فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْفَعَةً.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ ، قِيلَ: مَعْنَاهُ: فَإِذَا قَوِيَ الْخَوْفُ مِنَ الْعَدُوِّ، وَتُوِقِّعَ أَنْ يَسْتَأْصِلَ جَمِيعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَاذَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ بِكَ، يَنْظُرُونَ نَظَرَ الْهَلَعِ الْمُخْتَلِطِ، كَنَظَرِ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، "فَإِذَا ذَهَبَ" ذَلِكَ الْخَوْفُ الْعَظِيمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "سَلَقُوكُمْ" أَيْ: خَاطَبُوكُمْ مُخَاطَبَةً بَلِيغَةً، يُقَالُ: خَطِيبٌ سَلَّاقٌ وَمِسْلَاقٌ وَمُسْلَقٌ، وَلِسَانٌ أَيْضًا كَذَلِكَ إِذَا كَانَ فَصِيحًا مُقْتَدِرًا، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : "صَلَقُوكُمْ" بِالصَّادِّ. وَوَصَفَ الْأَلْسِنَةَ بِالْحِدَّةِ لِقَطْعِهَا الْمَعَانِي، وَنُفُوذِهَا فِي الْأَقْوَالِ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ أَيْ: إِذَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ فِي قُوَّةٍ وَظُهُورٍ، وَخَشِيَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ سَطْوَتَكَ يَا
مُحَمَّدُ بِهِمْ رَأَيْتُهُمْ يُصَانِعُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ فَازِعٍ مِنْكَ خَائِفٍ هَلِعٍ، فَإِذَا ذَهَبَ خَوْفُكَ عَنْهُمْ بِاشْتِغَالِكَ بِعَدُوٍّ وَنَحْوَهُ - كَمَا كَانَ مَعَ الْأَحْزَابِ - سَلَقُوكُمْ حِينَئِذٍ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ يَسْلُقُونَ، فَقَالَ
يَزِيدُ بْنُ رُومَانِ وَغَيْرُهُ: ذَلِكَ فِي أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَسَبِّهِمْ وَتَنْقِيصِ الشَّرْعِ وَنَحْوَ هَذَا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : ذَلِكَ فِي طَلَبِ الْعَطَاءِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْإِلْحَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَهَذَانَ الْقَوْلَانِ يَتَرَتَّبَانِ مَعَ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الْخَوْفِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: السَّلْقُ هُوَ فِي مُخَادَعَةِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يُرْضِيهِمْ مِنَ الْقَوْلِ عَلَى جِهَةِ الْمُصَانَعَةِ وَالْمُخَاتَلَةِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "أَشِحَّةً" حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "سَلَقُوكُمْ"، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19 "عَلَى الْخَيْرِ" يَدُلُّ عَلَى
[ ص: 103 ] عُمُومِ الشُّحِّ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ، وَقِيلَ فِي هَذَا: مَعْنَاهُ: أَشِحَّةً عَلَى مَالِ الْغَنَائِمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ قَالَ: إِنَّ "الْخَيْرَ" فِي كِتَابِ اللَّهِ حَيْثُ وَقَعَ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمَالِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : "أَشِحَّةٌ" بِالرَّفْعِ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا، وَلَا كَمُلَ تَصْدِيقُهُمْ، وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْإِشَارَةَ إِلَى مُنَافِقِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَطُّ إِيمَانٌ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَيْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ قَطُّ، أَنَّهَا كَالْمُحْبَطَةِ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: نَزَلْتُ فِي رَجُلٍ بَدْرِيٍّ نَافَقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي فَأَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ فِي بَدْرٍ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا فِيهِ ضَعْفٌ.
وَالْإِشَارَةُ بِـ"ذَلِكَ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِلَى إِحْبَاطِ عَمَلِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِلَى جُمْلَةِ حَالِهِمِ وَمَا وُصِفَ مِنْ شُحِّهِمْ وَنَظَرِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، أَيْ أَنَّ أَمْرَهُمْ يَسِيرٌ لَا يُبَالِي بِهِ، وَلَا لَهُ أَثَرٌ فِي دَفْعِ خَيْرٍ وَلَا جَلْبِ شَرٍّ.