قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون
قال بعض المتأولين: إن أهل هذه القرية أسرع فيهم الجذام عند تكذيبهم المرسلين، فلذلك قالوا: إنا تطيرنا بكم ، وقال : احتبس عنهم المطر فلذلك قالوه، ومعناه: تشاءمنا بكم، مأخوذ من الحكم بالطير، وهو معنى متداول في الأمم، وقلما يستعمل "تطيرت" إلا في الشؤم، وأما حكم الطير عند مستعمليه ففي التيمن والشؤم، والأظهر أن تطير هؤلاء إنما كان بسبب ما دخل قريتهم من اختلاف الكلمة وافتتان الناس، وهذا على نحو تطير قريش مقاتل بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى نحو ما خوطب به موسى عليه السلام. وقال : إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم. و"لنرجمنكم" معناه: بالحجارة. قاله قتادة رضي الله عنه. وقولهم عليهم السلام: قتادة طائركم معكم معناه: حظكم وما صار إليه من شر أو خير معكم، أي: من أفعالكم وبكسباتكم، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وكفركم، وبهذا فسر الناس. وسمي الحظ والنصيب طائرا استعارة، أي هو مما يحصل عن النظر في الطائر، وكثر استعمال هذا المعنى حتى قالت المرأة الأنصارية: "طار لنا حين اقتسم المهاجرون "، ويقول الفقهاء: طار لفلان في المحاصة كذا. عثمان بن مظعون
[ ص: 241 ] وقرأ ، ابن هرمز ، والحسن : "طيركم"، وقرأ وعمرو بن عبيد ، حمزة ، والكسائي ، وعاصم : "أإن" بهمزتين الثانية مكسورة، على معنى: أإن ذكرتم تتطيرون؟ وقرأ وابن عامر ، نافع ، وأبو عمرو بتسهيل هذه الهمزة الثانية وردها ياء "أين ذكرتم"، وقرأ وابن كثير "أن" بفتح الألف، وقرأ الماجشون: "إن ذكرتم" بكسر الألف، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: - في بعض ما روي عنه - أبو عمرو أيضا: "أأن" بهمزتين مفتوحتين، وشاهده قول الشاعر: وزر بن حبيش
أأن كنت ذا بردين أحوى مرجلا ... فلست براع لابن عمك محرما
وقرأ أبو جعفر بن القعقاع، : "أين" بسكون الياء "ذكرتم" بتخفيف الكاف، فهي "أين" المقولة في الظرف، وهذه قراءة والأعمش خالد ، ، وطلحة ، وقتادة في تخفيف الكاف فقط. ثم وصفهم تعالى بالإسراف والتعدي. والحسن
وأخبر تبارك وتعالى ذكره عن حال رجل جاء من أقصى المدينة، سمع من المرسلين وفهم عن الله فجاء يسعى على قدميه وسمع قولهم، فلما فهمه روي أنه تعقب أمرهم [ ص: 242 ] وسبره بأن قال لهم: أتطلبون أجرا على دعوتكم هذه؟ قالوا: لا، فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم والإيمان بهم إذ هو الحق، ثم احتج عليهم بقوله: اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ، أي: وهم على هدى من الله. وهذه الآية حاكمة بنقص من يأخذ أجرة على شيء من أفعال الشرع التي هي لازمة كالصلاة ونحوها، فإنها كالتبليغ لمن بعث، بخلاف ما لا يلزمه كالإمارة والقضاء، وقد ارتزق رضي الله عنه. أبو بكر الصديق
وروي عن أبي مجلز، ، وكعب الأحبار أن اسم هذا الرجل حبيب، وكان نجارا، وكان - فيما قال وابن عباس - قد تجذم، وقيل: كان في غار يعبد ربه، وقال وهب بن منبه : "سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: ابن أبي ليلى رضي الله عنه، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون"، وذكر الناس من أسماء الرسل: صادق وصدوق وشلوم، وغير هذا، والصحة معدومة فاختصرت. علي بن أبي طالب