قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_32024_34199_34203_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_32024_34199_34203_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق nindex.php?page=treesubj&link=30532_30549_31011_31788_32238_34199_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_34513_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب
روي في قصص هذه الآية
nindex.php?page=hadith&LINKID=665526أن أشراف قريش وجماعتهم اجتمعوا عند مرض أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن من القبيح علينا أن يموت أبو طالب ونؤذي محمدا بعده فتقول العرب: تركوه مدة عمه فلما مات آذوه، ولكن لنذهب إلى أبي طالب فلينصفنا منه، وليربط بيننا وبينه ربطا، فنهضوا إليه، فقالوا: يا أبا طالب، إن محمدا يسب ويسفه آراءنا وآراء آبائنا، ونحن لا نقاره على ذلك، ولكن افصل بيننا وبينه في حياتك، بأن يقيم في منزله يعبد ربه الذي يزعم، ويدع آلهتنا وسبها، ولا يعرض لأحد منا بشيء من هذا، فبعث أبو طالب في محمد عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد، إن قومك قد دعوك إلى النصفة، وهي أن تدعهم وتعبد ربك وحدك، فقال: أو غير ذلك يا عم؟ قال وما هو؟ قال: يعطونني كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدي [ ص: 325 ] إليهم الجزية بها العجم، قالوا: وما هي فإننا نبادر إليها؟ قال: لا إله إلا الله، فنفروا عند ذلك، وقالوا: ما يرضيك منا غير هذا؟ قال: والله لو أعطيتموني الأرض ذهبا ومالا، وفي رواية:
لو جعلتم الشمس في يميني، والقمر في شمالي ما أرضاني منكم غيرها، فقاموا عند ذلك، وبعضهم يقول: "أجعل الآلهة إلها واحدا، إن هذا لشيء عجاب" ويرددون هذا المعنى،
وعقبة بن أبي معيط يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6امشوا واصبروا على آلهتكم الآية.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله
وجلبت هذا الخبر تام المعنى، وفي بعض رواياته زيادة ونقصان، والغرض متقارب.
nindex.php?page=hadith&LINKID=657043ولما ذهبوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال: والله لولا أن تكون سبة في بني بعدي لأقررت بها عينك، ومات وهو يقول: على ملة عبد المطلب، فنزلت في ذلك: nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .
فقوله تعالى في هذه الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وانطلق الملأ منهم عبارة عن خروجهم عن
أبي طالب، وانطلاقهم من ذلك الجمع، هذا قول جماعة من المفسرين. وقالت فرقة: هي عبارة عن إذاعتهم لهذه الأقاويل، فكأنه كما يقول الناس: انطلق الناس بالدعاء للأمير، ونحوه، أي: استفاض كلامهم بذلك، و"الملأ": الأشراف والرؤوس الذين يسدون مسد الجميع في الآراء ونحوه.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6أن امشوا ، "أن" مفسرة لا موضع لها، ويجوز أن يكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر، أي: بأن، فهي بتقدير المصدر، كأنه قال: وانطلق الملأ منهم بقولهم : امشوا، ومعنى الآية أنه قال بعضهم لبعض: امشوا واصبروا على كل أمر آلهتكم. وذهب بعض الناس إلى أن قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6 "امشوا" هو دعاء بكسب الماشية، وفي
[ ص: 326 ] هذا ضعف; لأنه كان يلزم أن تكون الألف مقطوعة; لأنه يقال: "أمشى الرجل" إذا صار صاحب ماشية، وأيضا فهذا المعنى غير متمكن في الآية، وإنما المعنى: سيروا على طريقتكم ودوموا على سيركم، أو يكون المعنى أمرا من نقل الأقدام، قالوه عند انطلاقهم، وهو في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : "وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا". وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6إن هذا لشيء يراد يريدون ظهور
محمد صلى الله عليه وسلم وعلوه بالنبوة، أي: يراد منا الانقياد له.
وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7ما سمعنا بهذا يريدون بمثل هذه المقالة أن الإله واحد. واختلف المتأولون في قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7في الملة الآخرة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : أرادوا ملتهم ونحلتهم التي العرب عليها، ويقال لكل ما تتبعه أمة: ملة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : أراد ملة النصارى.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله
وذلك متجه لأنها ملة شهير فيها التثليث، وأن الإله ليس بواحد. وقالت فرقة: معنى قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7ما سمعنا أي: ما سمعنا أنه يكون مثل هذا، ولا أنه يقال في الملة الآخرة التي كنا نسمع أنها تكون في آخر الزمان.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله
وذلك أنه قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام كان الناس يستشعرون خروج نبي وحدوث ملة ودين، ويدل على صحة هذا ما روي من قول الأحبار أولي الصوامع، وما روي عن شق وسطيح، وما كانت بنو إسرائيل تعتقد من أنه يكون منهم. وقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إن هذا إلا اختلاق إشارة إلى جميع ما يخبر به
محمد صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى.
ثم قالوا: على جهة التقرير من بعضهم لبعض، ومضمن ذلك الإنكار،
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8عليه الذكر من بيننا بل . بمعنى: نحن الأشراف الأعلام، فلم خص هذا؟ وكيف يصح هذا؟ فرد الله تعالى قولهم بما تقتضيه "بل"; لأن المعنى ليس تخصيص الله وإنعامه جاريا على شهواتهم،
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بل هم في شك من ذكري ، أي في ريب أن هذا التذكير بالله حق. ثم توعدهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بل لما يذوقوا عذاب ، أي: لو ذاقوه لتحققوا أن هذه الرسالة حق، أي هم لجهالتهم لا يبين لهم النظر، وإنما يبين لهم مباشرة العذاب. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "أم أنزل" بميم بين الهمزتين.
ثم وقفهم احتجاجا عليهم، أعندهم رحمة الله وخزائنها التي فيها الهدى والنبوءة وكل
[ ص: 327 ] فضل، فيكون لهم تحكم في الرسالة وغيرها من نعم الله؟ و"أم" هنا، لم تعادلها ألف، فهي المقطوعة التي معناها إضراب عن الكلام الأول واستفهام، وقدرها
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بـ "بل والألف"، كقول العرب: "إنها لإبل أم شاء". والخزائن للرحمة مستعارة، كأن المعنى: موضع جمعها وحفظها، من حيث كانت ذخائر البشر تحتاج إلى ذلك خوطب في الرحمة بما ينحو إلى ذلك، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : يعني بالخزائن المفاتيح. والله تعالى أعلم.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_32024_34199_34203_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_32024_34199_34203_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ nindex.php?page=treesubj&link=30532_30549_31011_31788_32238_34199_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_34513_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ
رُوِيَ فِي قَصَصِ هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=665526أَنَّ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ وَجَمَاعَتِهِمُ اجْتَمَعُوا عِنْدَ مَرَضِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ مِنَ الْقَبِيحِ عَلَيْنَا أَنْ يَمُوتَ أَبُو طَالِبٍ وَنُؤْذِي مُحَمَّدًا بَعْدَهُ فَتَقُولُ الْعَرَبُ: تَرَكُوهُ مُدَّةَ عَمِّهِ فَلَمَّا مَاتَ آذَوْهُ، وَلَكِنْ لِنَذْهَبْ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَلْيُنْصِفْنَا مِنْهُ، وَلِيَرْبِطَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رَبْطًا، فَنَهَضُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا يَسُبُّ وَيُسَفِّهُ آرَاءَنَا وَآرَاءَ آبَائِنَا، وَنَحْنُ لَا نُقَارُّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنِ افْصِلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي حَيَاتِكَ، بِأَنْ يُقِيمَ فِي مَنْزِلِهِ يَعْبُدُ رَبَّهُ الَّذِي يَزْعُمُ، وَيَدَعُ آلِهَتَنَا وَسَبَّهَا، وَلَا يَعْرِضُ لِأَحَدٍ مِنَّا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا، فَبَعَثَ أَبُو طَالِبٍ فِي مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَى النَّصَفَةِ، وَهِيَ أَنْ تَدَعَهُمْ وَتَعْبُدَ رَبَّكَ وَحْدَكَ، فَقَالَ: أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَمِّ؟ قَالَ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: يُعْطُونَنِي كَلِمَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ، وَتُؤَدِّي [ ص: 325 ] إِلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ بِهَا الْعَجَمُ، قَالُوا: وَمَا هِيَ فَإِنَّنَا نُبَادِرُ إِلَيْهَا؟ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَفَرُوا عِنْدَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا يُرْضِيكَ مِنَّا غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: وَاللَّهُ لَوْ أَعْطَيْتُمُونِي الْأَرْضَ ذَهَبًا وَمَالًا، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَوْ جَعَلْتُمُ الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي مَا أَرْضَانِي مِنْكُمْ غَيْرُهَا، فَقَامُوا عِنْدَ ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: "أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا، إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ" وَيُرَدِّدُونَ هَذَا الْمَعْنَى،
وَعَقَبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ الْآيَةُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَلَبْتُ هَذَا الْخَبَرَ تَامَّ الْمَعْنَى، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ، وَالْغَرَضُ مُتَقَارِبٌ.
nindex.php?page=hadith&LINKID=657043وَلَمَّا ذَهَبُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً فِي بَنِيَّ بَعْدِي لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ، وَمَاتَ وَهُوَ يَقُولُ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِهِمْ عَنْ
أَبِي طَالِبٍ، وَانْطِلَاقِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ، هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إِذَاعَتِهِمْ لِهَذِهِ الْأَقَاوِيلِ، فَكَأَنَّهُ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ: انْطَلَقَ النَّاسُ بِالدُّعَاءِ لِلْأَمِيرِ، وَنَحْوَهُ، أَيِ: اسْتَفَاضَ كَلَامُهُمْ بِذَلِكَ، وَ"الْمَلَأُ": الْأَشْرَافُ وَالرُّؤُوسُ الَّذِينَ يَسُدُّونَ مَسَدَّ الْجَمِيعِ فِي الْآرَاءِ وَنَحْوِهُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6أَنِ امْشُوا ، "أَنِ" مُفَسِّرَةٌ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ، أَيْ: بِأَنْ، فَهِيَ بِتَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِمُ : امْشُوا، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى كُلِّ أَمْرِ آلِهَتِكُمْ. وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُمُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6 "امْشُوا" هُوَ دُعَاءٌ بِكَسْبِ الْمَاشِيَةِ، وَفِي
[ ص: 326 ] هَذَا ضَعْفٌ; لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مَقْطُوعَةً; لِأَنَّهُ يُقَالُ: "أَمْشَى الرَّجُلُ" إِذَا صَارَ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ، وَأَيْضًا فَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ فِي الْآيَةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: سِيرُوا عَلَى طَرِيقَتِكُمْ وَدُومُوا عَلَى سَيْرِكُمْ، أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى أَمْرًا مِنْ نَقْلِ الْأَقْدَامِ، قَالُوهُ عِنْدَ انْطِلَاقِهِمْ، وَهُوَ فِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : "وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ يَمْشُونَ أَنِ اصْبِرُوا". وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ يُرِيدُونَ ظُهُورَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُلُوَّهُ بِالنُّبُوَّةِ، أَيْ: يُرَادُ مِنَّا الِانْقِيَادُ لَهُ.
وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7مَا سَمِعْنَا بِهَذَا يُرِيدُونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ الْإِلَهَ وَاحِدٌ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي قَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : أَرَادُوا مِلَّتَهُمْ وَنِحْلَتَهُمُ الَّتِي الْعَرَبُ عَلَيْهَا، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا تَتَّبِعُهُ أُمَّةٌ: مِلَّةٌ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : أَرَادَ مِلَّةَ النَّصَارَى.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَذَلِكَ مُتَّجِهٌ لِأَنَّهَا مِلَّةٌ شَهِيرٌ فِيهَا التَّثْلِيثُ، وَأَنَّ الْإِلَهَ لَيْسَ بِوَاحِدٍ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7مَا سَمِعْنَا أَيْ: مَا سَمِعْنَا أَنَّهُ يَكُونُ مِثْلَ هَذَا، وَلَا أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ الَّتِي كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَذَلِكَ أَنَّهُ قَبْلَ مَبْعَثِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ النَّاسُ يَسْتَشْعِرُونَ خُرُوجَ نَبِيٍّ وَحُدُوثَ مِلَّةٍ وَدِينٍ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ الْأَحْبَارِ أُولِي الصَّوَامِعِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ شِقٍّ وَسَطِيحٍ، وَمَا كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَعْتَقِدُ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ إِشَارَةٌ إِلَى جَمِيعِ مَا يُخْبِرُ بِهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى.
ثُمَّ قَالُوا: عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَمُضَمَّنٌ ذَلِكَ الْإِنْكَارُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ . بِمَعْنَى: نَحْنُ الْأَشْرَافُ الْأَعْلَامُ، فَلِمَ خُصَّ هَذَا؟ وَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا؟ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُمْ بِمَا تَقْتَضِيهِ "بَلْ"; لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ تَخْصِيصُ اللَّهِ وَإِنْعَامُهُ جَارِيًا عَلَى شَهَوَاتِهِمْ،
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ، أَيْ فِي رَيْبٍ أَنَّ هَذَا التَّذْكِيرَ بِاللَّهِ حَقٌّ. ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ، أَيْ: لَوْ ذَاقُوهُ لَتَحَقَّقُوا أَنَّ هَذِهِ الرِّسَالَةَ حَقٌّ، أَيْ هُمْ لِجَهَالَتِهِمْ لَا يُبَيِّنُ لَهُمُ النَّظَرُ، وَإِنَّمَا يُبَيِّنُ لَهُمْ مُبَاشَرَةُ الْعَذَابِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : "أَمْ أُنْزِلَ" بِمِيمٍ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ.
ثُمَّ وَقَّفَهُمُ احْتِجَاجًا عَلَيْهِمْ، أَعِنْدَهُمْ رَحْمَةُ اللَّهِ وَخَزَائِنُهَا الَّتِي فِيهَا الْهُدَى وَالنُّبُوءَةُ وَكُلُّ
[ ص: 327 ] فَضْلٍ، فَيَكُونُ لَهُمْ تَحَكُّمٌ فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ؟ وَ"أَمْ" هُنَا، لَمْ تُعَادِلْهَا أَلِفٌ، فَهِيَ الْمَقْطُوعَةُ الَّتِي مَعْنَاهَا إِضْرَابٌ عَنِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَاسْتِفْهَامٌ، وَقَدَّرَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ بـِ "بَلْ وَالْأَلِفِ"، كَقَوْلِ الْعَرَبِ: "إِنَّهَا لِإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ". وَالْخَزَائِنُ لِلرَّحْمَةِ مُسْتَعَارَةٌ، كَأَنَّ الْمَعْنَى: مَوْضِعُ جَمْعِهَا وَحِفْظِهَا، مِنْ حَيْثُ كَانَتْ ذَخَائِرُ الْبَشَرِ تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ خُوطِبَ فِي الرَّحْمَةِ بِمَا يَنْحُو إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : يَعْنِي بِالْخَزَائِنِ الْمَفَاتِيحَ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.