قوله عز وجل:
ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون
المعنى: يقال للكفار المعذبين: ذلكم العذاب، الذي أنتم فيه بما كنتم تفرحون في الدنيا بالمعاصي والكفر وتمرحون، قال : معناه: الأشر والبطر، وقال مجاهد رضي الله عنهما: الفخر والخيلاء. وقوله تعالى: ابن عباس [ادخلوا]، معناه: يقال لهم قبل هذه المحاورة في أول الأمر: ادخلوا، لأن هذه المخاطبة إنما هي بعد دخولهم وفي الوقت الذي فيه الأغلال في أعناقهم، وأبواب جهنم هي السبعة المؤدية إلى طبقاتها وأدراكها السبعة. و"المثوى": موضع الإقامة.
ثم آنس تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ووعده بقوله تعالى: فاصبر إن وعد الله حق في نصرك وإظهار أمرك، فإن ذلك أمر إما أن ترى بعضه في حياتك فتقر به عينك، وإما أن تموت قبل ذلك، فإلى أمرنا وتعذيبنا يصيرون ويرجعون، وقرأ الجمهور: "[يرجعون]" بضم الياء، وقرأ ، أبو عبد الرحمن [يرجعون] بفتح الياء، وقرأ ويعقوب: ، طلحة بن مصرف - في رواية ويعقوب الوليد بن حسان -: [ترجعون] بفتح التاء منقوطة من فوق.
[ ص: 458 ] وقوله تعالى: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك الآية رد على العرب، الذين قالوا: إن الله لا يبعث بشرا رسولا، واستبعدوا ذلك، وقوله تعالى: منهم من قصصنا عليك ، قال : هم أربعة وعشرون، وقوله تعالى: النقاش ومنهم من لم نقصص عليك روي من طريق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك وروي عن "إن الله عز وجل بعث ثمانية آلاف رسول"، ، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: سلمان وروي عن "بعث الله أربعة آلاف نبي"، رضي الله عنه، علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه قال: "بعث الله رسولا من وابن عباس الحبشة أسود" وهو الذي لم يقص على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ساقه على أن هذا الحبشي مثال لمن لم يقص، لا أنه هو المقصود وحده، فإن هذا بعيد.
وقوله تعالى: وما كان لرسول رد على قريش في إنكارهم أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وقولهم: إنه كاذب على الله تعالى، والإذن يتضمن علما وتمكينا، فإذا اقترن به أمر، قوي كما هو في إرسال النبي، ثم قال تعالى: فإذا جاء أمر الله أي إذا أراد الله إرسال رسول وبعثة نبي، قضى ذلك وأنفذه بالحق، وخسر كل مبطل، وحصل على فساد آخرته، وتحتمل الآية معنى آخر، وهو أن يريد بـ"أمر الله" القيامة، فتكون الآية توعدا لهم.