قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=18524_28662_33954_34189_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط nindex.php?page=treesubj&link=18524_32516_33954_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين nindex.php?page=treesubj&link=32028_33954_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ
التقدير: وإلى
مدين أرسلنا أخاهم
شعيبا، واختلف في لفظة مدين فقيل: هي بقعة، فالتقدير على هذا: وإلى أهل
مدين- كما قال: وسئل القرية - وقيل: كان هذا القطر في ناحية
الشام، وقيل:
مدين اسم رجل كانت القبيلة من ولده فسميت باسمه، ومدين لا ينصرف في الوجهين، حكى
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش أن
مدين هو ولد
إبراهيم الخليل لصلبه.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا بعيد وقد قيل: إن
شعيبا عربي، فكيف يجتمع هذا وليس
للعرب اتصال
بإبراهيم إلا من جهة
إسماعيل فقط، ودعاء "شعيب" إلى "عبادة الله" يقتضي أنهم كانوا يعبدون الأوثان، وذلك بين من قولهم فيما بعد، وكفرهم هو الذي استوجبوا به العذاب لا معاصيهم، فإن الله لم يعذب قط أمة إلا بالكفر، فإن انضافت إلى ذلك معصية كانت تابعة، وأعني بالعذاب عذاب الاستئصال العام، وكانت معصية هذه الأمة الشنيعة أنهم كانوا تواطأوا أن يأخذوا ممن يرد عليهم من غيرهم وافيا ويعطوا ناقصا في وزنهم وكيلهم، فنهاهم شعيب بوحي الله تعالى عن ذلك، ويظهر من كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أنهم كانوا تراضوا بينهم بأن يبخس بعضهم بعضا.
وقوله: بخير قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : معناه: في رخص من الأسعار، و "عذاب اليوم المحيط" هو حلول الغلاء المهلك. وينظر هذا التأويل إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
ما nindex.php?page=treesubj&link=18524نقص قوم المكيال والميزان إلا ارتفع عنهم الرزق وقيل: لهم قوله: بخير عام في جميع نعم الله تعالى، و "عذاب اليوم" هو الهلاك الذي حل بهم في آخر، وجميع ما قيل: في لفظ "خير" منحصر فيما قلناه.
ووصف "اليوم" بـ "الإحاطة" وهي من صفة العذاب على جهة التجوز إذ كان العذاب في اليوم: وقد يصح أن يوصف "اليوم" بـ "الإحاطة" على تقدير: محيط شره. ونحو هذا.
وكرر عليهم الوصية في "الكيل والوزن" تأكيدا وبيانا وعظة لأن "ولا تنقصوا" هو "أوفوا" بعينه.
لكنهما منحيان إلى معنى واحد.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وحدثني أبي رضي الله عنه، أنه سمع
أبا الفضل بن الجوهري على المنبر
بمصر يعظ الناس في الكيل والوزن فقال: اعتبروا في أن الإنسان إذا رفع يده بالميزان فامتدت أصابعه الثلاث والتقى الإبهام والسبابة على ناصية الميزان جاء من شكل أصابعه صورة المكتوبة فكأن الميزان يقول: الله الله.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا وعظ مليح مذكر. والقسط العدل ونحوه، و "البخس" النقصان، وتعثوا معناه: تسعون في فساد، وكرر مفسدين على جهة التأكيد، يقال عثا يعثو أو عثى يعثي، وعث يعث، وعاث يعيث- إذا أفسد ونحوه من المعنى، والعثة: الدودة التي تفسد ثياب الصوف.
وقوله: بقيت الله قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما معناه: الذي يبقي الله لكم من أموالكم بعد توفيتكم الكيل والوزن خير لكم مما تستكثرون أنتم به على غير وجهه.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا تفسير يليق بلفظ الآية وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : معناه: طاعة الله، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - أيضا- معناه: رزق الله، وهذا كله لا يعطيه لفظ الآية، وإنما المعنى عندي- إبقاء الله عليكم إن أطعتم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل بن جعفر عن أهل المدينة بتخفيف الياء وهي لغة. وقوله: إن كنتم مؤمنين شرط في أن تكون البقية خيرا لهم، وأما مع الكفر فلا خير لهم في شيء من الأعمال، وجواب هذا الشرط، متقدم، و "الحفيظ" المراقب الذي يحفظ أحوال من يرقب، والمعنى:
إنما أنا مبلغ والحفيظ المحاسب هو الذي يجازيكم بالأعمال.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=18524_28662_33954_34189_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ nindex.php?page=treesubj&link=18524_32516_33954_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ nindex.php?page=treesubj&link=32028_33954_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
التَّقْدِيرُ: وَإِلَى
مَدْيَنَ أَرْسَلَنَا أَخَاهُمْ
شُعَيْبًا، وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظَةِ مَدْيَنَ فَقِيلَ: هِيَ بُقْعَةٌ، فَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا: وَإِلَى أَهْلِ
مَدِينَ- كَمَا قَالَ: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ - وَقِيلَ: كَانَ هَذَا الْقُطْرُ فِي نَاحِيَةِ
الشَّامِ، وَقِيلَ:
مَدْيَنُ اسْمُ رَجُلٍ كَانَتِ الْقَبِيلَةُ مِنْ وَلَدِهِ فَسُمِّيَتْ بِاسْمِهِ، وَمَدْيَنُ لَا يَنْصَرِفُ فِي الْوَجْهَيْنِ، حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=15426النَّقَّاشُ أَنَّ
مَدْيَنَ هُوَ وَلَدُ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ لِصُلْبِهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا بَعِيدٌ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ
شُعَيْبًا عَرَبِيٌّ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ هَذَا وَلَيْسَ
لِلْعَرَبِ اتِّصَالٌ
بِإِبْرَاهِيمَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ
إِسْمَاعِيلَ فَقَطْ، وَدُعَاءُ "شُعَيْبَ" إِلَى "عِبَادَةِ اللَّهِ" يَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فِيمَا بَعْدُ، وَكُفْرُهُمْ هُوَ الَّذِي اسْتَوْجَبُوا بِهِ الْعَذَابَ لَا مَعَاصِيهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُعَذِّبْ قَطُّ أُمَّةً إِلَّا بِالْكُفْرِ، فَإِنِ انْضَافَتْ إِلَى ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ كَانَتْ تَابِعَةً، وَأَعْنِي بِالْعَذَابِ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ الْعَامِّ، وَكَانَتْ مَعْصِيَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الشَّنِيعَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا تَوَاطَأُوا أَنْ يَأْخُذُوا مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَافِيًا وَيُعْطُوا نَاقِصًا فِي وَزْنِهِمْ وَكَيْلِهِمْ، فَنَهَاهُمْ شُعَيْبٌ بِوَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَيَظْهَرُ مِنْ كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ أَنَّهُمْ كَانُوا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِأَنْ يَبْخَسَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَقَوْلُهُ: بِخَيْرٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَعْنَاهُ: فِي رُخْصٍ مِنَ الْأَسْعَارِ، وَ "عَذَابُ الْيَوْمِ الْمُحِيطِ" هُوَ حُلُولُ الْغَلَاءِ الْمُهْلِكِ. وَيَنْظُرُ هَذَا التَّأْوِيلُ إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا nindex.php?page=treesubj&link=18524نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا ارْتَفَعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ وَقِيلَ: لَهُمْ قَوْلُهُ: بِخَيْرٍ عَامٌّ فِي جَمِيعِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ "عَذَابُ الْيَوْمِ" هُوَ الْهَلَاكُ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ فِي آخِرٍ، وَجَمِيعُ مَا قِيلَ: فِي لَفْظِ "خَيْرٍ" مُنْحَصِرٌ فِيمَا قُلْنَاهُ.
وَوَصْفُ "الْيَوْمِ" بِـ "الْإِحَاطَةِ" وَهِيَ مِنْ صِفَةِ الْعَذَابِ عَلَى جِهَةِ التَّجَوُّزِ إِذْ كَانَ الْعَذَابُ فِي الْيَوْمِ: وَقَدْ يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ "الْيَوْمُ" بِـ "الْإِحَاطَةِ" عَلَى تَقْدِيرٍ: مُحِيطٍ شَرُّهُ. وَنَحْوُ هَذَا.
وَكَرَّرَ عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّةَ فِي "الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ" تَأْكِيدًا وَبَيَانًا وَعِظَةً لِأَنَّ "وَلَا تَنْقُصُوا" هُوَ "أَوْفُوا" بِعَيْنِهِ.
لَكِنَّهُمَا مَنْحَيَانِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَحَدَّثَنِي أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ
أَبَا الْفَضْلِ بْنَ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى الْمِنْبَرِ
بِمِصْرَ يَعِظُ النَّاسَ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَقَالَ: اعْتَبَرُوا فِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ بِالْمِيزَانِ فَامْتَدَّتْ أَصَابِعُهُ الثَّلَاثُ وَالْتَقَى الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةُ عَلَى نَاصِيَةِ الْمِيزَانِ جَاءَ مِنْ شَكْلِ أَصَابِعِهِ صُورَةُ الْمَكْتُوبَةِ فَكَأَنَّ الْمِيزَانَ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا وَعْظٌ مَلِيحٌ مُذَكِّرٌ. وَالْقِسْطُ الْعَدْلُ وَنَحْوُهُ، وَ "الْبَخْسُ" النُّقْصَانُ، وَتَعْثَوْا مَعْنَاهُ: تَسْعَوْنَ فِي فَسَادٍ، وَكَرَّرَ مُفْسِدِينَ عَلَى جِهَةِ التَّأْكِيدِ، يُقَالُ عَثَا يَعْثُو أَوْ عَثَى يَعْثِي، وَعَثَّ يَعُثُّ، وَعَاثَ يَعِيثُ- إِذَا أَفْسَدَ وَنَحْوُهُ مِنَ الْمَعْنَى، وَالْعُثَّةِ: الدُّودَةُ الَّتِي تُفْسِدُ ثِيَابَ الصُّوفِ.
وَقَوْلُهُ: بَقِيَّتُ اللَّهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعْنَاهُ: الَّذِي يُبْقِي اللَّهُ لَكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ بَعْدَ تَوْفِيَتِكُمُ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا تَسْتَكْثِرُونَ أَنْتُمْ بِهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا تَفْسِيرٌ يَلِيقُ بِلَفْظِ الْآيَةِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : مَعْنَاهُ: طَاعَةُ اللَّهِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ - أَيْضًا- مَعْنَاهُ: رِزْقُ اللَّهِ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُعْطِيهِ لَفْظُ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى عِنْدِي- إِبْقَاءُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12430إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَهِيَ لُغَةٌ. وَقَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شَرْطٌ فِي أَنْ تَكُونَ الْبَقِيَّةُ خَيْرًا لَهُمْ، وَأَمَّا مَعَ الْكُفْرِ فَلَا خَيْرَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَجَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ، مُتَقَدِّمٌ، وَ "الْحَفِيظُ" الْمُرَاقِبُ الَّذِي يَحْفَظُ أَحْوَالَ مَنْ يَرْقُبُ، وَالْمَعْنَى:
إِنَّمَا أَنَا مُبَلِّغٌ وَالْحَفِيظُ الْمُحَاسِبُ هُوَ الَّذِي يُجَازِيكُمْ بِالْأَعْمَالِ.