وقوله عز وجل:
وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم
هذه أيضا مختلف فيها هل هي من كلام يوسف أم من كلام المرأة، حسب التي قبلها؟
فمن قال: "من كلام يوسف " روى في ذلك عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لما قال يوسف : أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل : "ولا حين هممت وحللت سراويلك؟!"، وقال نحوه ، ابن عباس وابن جبير، ، وعكرمة . وروي أن المرأة قالت له ذلك، قاله والضحاك ، وروي أن السدي يوسف تذكر من تلقائه ما كان هم به فقال: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ، قاله رضي الله عنهما- أيضا. ابن عباس
ومن قال: "إن المرأة قالت: وما أبرئ نفسي " فوجه كلامها الاعتذار عن وقوعها فيما يقع فيه البشر من الشهوات، كأنها قالت: وما هذا ببدع ولا ذلك بنكير على البشر فأبرئ أنا منه نفسي، والنفوس أمارات بالسوء مائلة إليه.
و"أمارة" بناء مبالغة، و"ما" في قوله: إلا ما رحم مصدرية، هذا قول الجمهور فيها، وهو -على هذا- استثناء منقطع، أي: إلا رحمة ربي. ويجوز أن تكون بمعنى [ ص: 106 ] "من"، هذا على أن تكون "النفس" يراد بها النفوس؛ إذ النفس تجري صفة لمن يعقل كالعين والسمع، كذا قال ، فتقدير الآية: إلا النفوس التي يرحمها الله. أبو علي
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإذا "النفس" اسم جنس، فصح أن تقع "ما" مكان "من" إذ هي كذلك في صفات من يعقل وفي أجناسه، وهو نص في كلام ، وهو -عندي- معنى كلام المبرد ، وهو مذهب سيبويه ذكره في "البغداديات". أبي علي،
ويجوز أن تكون "ما" ظرفية، المعنى: إن النفس لأمارة بالسوء إلا مدة رحمة الله العبد وذهابه عن اشتهاء المعاصي.
ثم ترجى في آخر الآية بقوله: إن ربي غفور رحيم .