ولما كان الشيء أقوى ما يكون إذا حسر البصر، فإذا وافقه كون القلب في غاية الحضور كان أمكن، فإذا تكرر انقطعت الأطماع عن التعلق بالمجادلة منه، قال مؤكدا لأجل إنكارهم: ولقد رآه أي الله تعالى أو جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية، روى في الإيمان مسلم رضي الله عنهما قال عبد الله بن عباس ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآه نـزلة أخرى قال: "رآه بفؤاده مرتين" وجعل عن الإسراء مرتين: الأولى بالفؤاد مقدمة وهذه بالعين. ابن برجان
ولما كان ذلك لا يتأتى إلا بتنزل يقطع مسافات البعد التي هي الحجب ليصير به بحيث يراه البشر، عبر بقوله: نـزلة وانتصب على الظرفية لأن الفعلة بمعنى المرة أخرى أي ليكمل له الأمر مرة في عالم الكون والفساد وأخرى في المحل الأنزه الأعلى، وعين الوقت بتعين [ ص: 53 ] المكان فقال: