الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان يوم القيامة ذا ألوان كثيرة ومواقف مهولة طويلة شهيرة تكون في كل منها شؤون عظيمة وأمور كبيرة، ذكر بعض ما سببه هذا الوقت من التعريف بالعاصي والطائع بآيات جعلها الله سببا في علمها فقال: فيومئذ أي: فسبب عن يوم انشقت السماء لأنه لا يسأل سؤال تعرف واستعلام بل سؤال تقريع وتوبيخ وكلام، وذلك أنه لا يقال له: هل فعلت كذا؟ بل يقال له: لم فعلت كذا، على أنه ذلك اليوم طويل، وهو ذو ألوان تارة يسأل فيه وتارة لا يسأل، والأمر في غاية الشدة، وكل لون من تلك الألوان يسمى يوما، فقد مضى في الفاتحة أن اليوم عبارة عن وقت يمتد إلى انقضاء أمر مقدر فيه ظاهر من ليل أو نهار أو غيرهما لقوله تعالى إلى ربك يومئذ المساق أي: يوم إذا بلغت الروح التراقي وهو لا يختص بليل ولا نهار، وبناه للمفعول تعظيما للأمر بالإشارة إلى أن شأن المعترف بالذنب لا يكون خاصا بعهد دون عهد بل يعرفه كل من أراد علمه، وأضمر قبل الذكر لما هو مقدم في الرتبة ليفهم الاختصاص فوحد الضمير لأجل اللفظ فقال: عن ذنبه أي: خاصة وقد سئل المحسن عن حسنته سؤال تشريف له وتنديم لمن دونه. [ ص: 176 ] ولما كان الإنس أعظم مقصود بهذا، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، وكان التعريف بالشاهد المألوف أعظم في التعريف، وكان علم أحوال الشيء الظاهر أسهل، قدمهم فقال: إنس ولما كان لا يلزم من علم أحوال الظاهر علم أحوال الخفي، بين أن الكل عليه سبحانه هين فقال: ولا جان

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية