ولما كان الكلام عاما عرف أنه خاص بتعرف المجرم من غيره دون التعزير بالذنب أو غيره من الأحوال فقال معللا لعدم السؤال: يعرف أي: لكل أحد المجرمون أي: العريقون في هذا الوصف بسيماهم أي: العلامات التي صور الله ذنوبهم فيها فجعلها ظاهرة بعد أن كانت باطنة، وظاهرة الدلالة عليهم كما يعرف أن الليل إذا جاء لا يخفى على أحد أصلا وكذلك النهار ونحوهما لغير الأعمى، وتلك السيما - والله أعلم - زرقة العيون وسواد الوجوه والعمى والصمم والمشي على الوجوه ونحو ذلك، وكما يعرف المحسنون بسيماهم من بياض الوجوه وإشراقها وتبسمها، والغرة والتحجيل ونحو ذلك، وسبب عن هذه المعرفة قوله مشيرا بالبناء للمفعول إلى سهولة الأخذ من أي آخذ كان فيؤخذ بالنواصي أي منهم وهي مقدمات الرؤوس والأقدام بعد أن يجمع بينهما [ ص: 177 ] كما أنهم كانوا [هم] يجمعون ما أمر الله به أن يفرق، ويفرقون ما أمر الله به أن يجمع، فيسحبون بها سحبا من كل ساحب أقامه الله لذلك لا يقدرون على الامتناع بوجه فيلقون في النار.