وقليل من الآخرين وهم من آمن بمحمد - عليه الصلاة والسلام - كذلك بغير واسطة رضي الله عنهم، فقد كان وكان من خرج مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مائة ألف ونيفا وعشرين ألفا، موسى عليه السلام من مصر وهم من آمن به من الرجال المقاتلين ممن هو فوق العشرين ودون الثمانين وهم ستمائة ألف فما ظنك بمن عداهم من الشيوخ ومن دون العشرين من التابعين والصبيان ومن النساء، فكيف بمن عداه من سائر النبيين عليهم الصلاة والسلام المجددين من بني إسرائيل وغيرهم، وقيل: "الثلة والقليل كلاهما من هذه الأمة" ، رواه الطبراني وابن عدي عن رضي الله عنهما، وفيه ابن عباس أبان بن أبي عياش وهو متروك ورواه إسحاق بن راهويه ومسدد بن مسرهد وأبو داود الطيالسي وإبراهيم الحربي من رواية والطبراني علي بن زيد [ ص: 202 ] وهو ضعيف عن عقبة بن صهبان عن رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا، والموقوف أولى بالصواب، وتطبيقه على هذه الأمة سواء كان مرفوعا أو موقوفا صحيح لا غبار عليه، فتكون الصحابة رضي الله عنهم كلهم من هذه الثلة وكذا من تبعهم بإحسان إلى رأس القرن الثالث وهم لا يحصيهم إلا الله تعالى، [و]من المعلوم أنه تناقص الأمر بعد ذلك إلى أن صار السابق في الناس أقل من القليل لرجوع الإسلام [إلى الحال] الذي بدأ عليها من الغربة أبي بكرة ويجوز أن يقدر أيضا: [و]ثلة - أي جماعة كثيرة هلكى - من الأولين، وهم المعاندون من الأمم الماضين، وقليل من الآخرين وهم المعاندون من هذه الأمة. "بدأ الإسلام غريبا وسيكون غريبا فطوبى للغرباء"