قال : ( والخراج الذي وضعه عمر على أهل السواد من كل [ ص: 36 ] جريب يبلغه الماء قفيز هاشمي وهو الصاع ودرهم ، ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل المتصل عشرة دراهم ) وهذا هو المنقول عن عمر ، فإنه بعث عثمان بن حنيف حتى يمسح سواد العراق ، وجعل حذيفة مشرفا عليه ، وكونه فبلغ ستا وثلاثين ألف ألف جريب ووضع على ذلك ما قلنا ، وكان ذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير فكان إجماعا منهم . [ ص: 37 ] ولأن المؤن متفاوتة فالكرم أخفها مؤنة والمزارع أكثرها مؤنة والرطب بينهما ، والوظيفة تتفاوت بتفاوتها فجعل الواجب في الكرم أعلاها وفي الزرع أدناها وفي الرطبة أوسطها .
[ ص: 38 ] قال : ( وما سوى ذلك من الأصناف كالزعفران والبستان وغيره يوضع عليها بحسب الطاقة ) ; لأنه ليس فيه توظيف عمر وقد اعتبر الطاقة في ذلك فنعتبرها فيما لا توظيف فيه . قالوا : ونهاية الطاقة أن يبلغ الواجب نصف الخارج لا يزاد عليه ; لأن التنصيف عين الإنصاف لما كان لنا أن نقسم الكل بين الغانمين . والبستان كل أرض يحوطها حائط وفيها نخيل متفرقة وأشجار أخر ، وفي ديارنا وظفوا من الدراهم في الأراضي كلها وترك كذلك ; لأن التقدير يجب أن يكون بقدر الطاقة من أي شيء كان . قال ( فإن لم تطق ما وضع عليها نقصهم الإمام ) والنقصان عند قلة الريع جائز بالإجماع ; ألا ترى إلى قول عمر : لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق ، فقالا : لا بل حملناها ما تطيق ، ولو زدنا لأطاقت . وهذا يدل على جواز النقصان ، وأما الزيادة عند زيادة الريع يجوز عند محمد اعتبارا بالنقصان ، وعند أبي يوسف لا يجوز ; لأن عمر لم يزد حين أخبر بزيادة الطاقة ، ( وإن غلب على أرض الخراج الماء أو انقطع الماء عنها أو اصطلم الزرع آفة فلا خراج عليه ) [ ص: 39 ] لأنه فات التمكن من الزراعة ، وهو النماء التقديري المعتبر في الخراج ، وفيما إذا اصطلم الزرع آفة فات النماء التقديري في بعض الحول وكونه ناميا في جميع الحول شرط كما في مال الزكاة أو يدار الحكم على الحقيقة عند خروج الخارج .
قال ( وإن عطلها صاحبها فعليه الخراج ) ; لأن التمكن كان ثابتا وهو الذي فوته . [ ص: 40 ] قالوا : من انتقل إلى أخس الأمرين من غير عذر فعليه خراج الأعلى ; لأنه هو الذي ضيع الزيادة ، وهذا يعرف ولا يفتى به كي لا يتجرأ الظلمة على أخذ أموال الناس .


