الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 369 ] قال ( ومن اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه ) أما الموت ; فلأن الملك ينتهي به والامتناع حكمي لا يفعله ، وأما الإعتاق فالقياس فيه أن لا يرجع ; لأن الامتناع بفعله فصار كالقتل ، وفي الاستحسان : يرجع ; لأن العتق إنهاء الملك ; لأن الآدمي ما خلق في الأصل محلا للملك ، وإنما يثبت الملك فيه موقتا إلى الإعتاق فكان إنهاء فصارت كالموت ، وهذا ; لأن الشيء [ ص: 370 ] يتقرر بانتهائه فيجعل كأن الملك باق والرد متعذر . والتدبير والاستيلاد بمنزلته ; لأنه تعذر النقل مع بقاء المحل بالأمر الحكمي ( وإن أعتقه على مال لم يرجع بشيء ) ; لأنه حبس بدله وحبس البدل كحبس المبدل . وعن أبي حنيفة رحمه الله : أنه يرجع ; لأنه إنهاء للملك وإن كان بعوض . .

التالي السابق


( قوله ومن اشترى عبدا فأعتقه ) المشتري ( أو مات عنده ثم اطلع على عيب رجع بالنقصان أما الموت ; فلأن الملك ينتهي به ) والشيء بانتهائه يتقرر ، فكأن الملك قائم والرد متعذر وقد اطلع على عيب وذلك موجب للرجوع ، إذ امتناع الرد إنما يكون مانعا إذا كان عن فعل المشتري ، أما إذا ثبت حكما لشيء فلا ، وهنا ثبت حكما للموت فلا يمنع الرجوع بالنقصان ، واستشكل عليه ما إذا صبغ الثوب أحمر وأخواته فإنه يرجع بالنقصان مع أن الامتناع بفعله ، وأجيب بأن امتناع الرد في ذلك إنما هو بسبب الزيادة التي حصلت في المبيع حقا للشرع للزوم شبهة الربا ، قيل فكان ينبغي للمصنف أن يزيد فيقول لا يفعله الذي لا يوجب زيادة ( وأما العتق فالقياس فيه أن لا يرجع ; لأن الامتناع بفعله فصار كالقتل وفي الاستحسان يرجع ) .

وهو قول الشافعي وأحمد ( لأن العتق إنهاء للملك ; لأن الآدمي ما خلق في الأصل للملك ، وإنما يثبت الملك فيه ) عن سببه ( موقنا إلى الإعتاق ) فيثبت ( أنه إنهاء فصار كالموت ، وهذا ) وهو الرجوع بالموت وما في معناه بسبب أنه إنهاء ( لأن الشيء بانتهائه [ ص: 370 ] يتقرر ) إلى آخر ما قررناه ، وقوله ( والتدبير والاستيلاد بمنزلته ) أي بمنزلة الإعتاق وإن لم يزيلا الملك كما يزيله الإعتاق ( لأنه يتعذر ) معهما ( النقل ) من ملك إلى ملك وبذلك يتعذر الرد .

وقوله ( مع بقاء المحل ) احتراز عن الموت والإعتاق ، وقوله ( بالأمر الحكمي ) أي بحكم الشرع لا بفعل المشتري كالقتل ( فإن أعتقه على مال ) ثم اطلع على عيب ( لم يرجع بشيء ) وكذا لو كاتبه ; لأن المشتري حبس بدله وحبس البدل كحبس المبدل ( وعن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه ) أي المعتق على مال ( يرجع ) بالنقصان وهو قول أبي يوسف ، وبه قال الشافعي وأحمد ( لأن العتق ) سواء كان بمال أو بلا مال هو ( إنهاء للملك ) أعني الرق ، وبهذا يثبت به الولاء في الوجهين ، وإذا كان إنهاء كان كالموت وكونه بمال أو بغيره طرد ، والوجه ما تقدم من كونه حابسا له بحبس بدله .




الخدمات العلمية