( باب ) ( الجزية ) [ ص: 44 ] ( وهي على ضربين ) ( : جزية توضع بالتراضي والصلح فتتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق ) كما { صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألف ومائتي حلة } ، ولأن الموجب هو التراضي فلا يجوز التعدي إلى غير ما وقع عليه الاتفاق [ ص: 45 ] ( وجزية يبتدئ الإمام وضعها إذا غلب الإمام على الكفار ، وأقرهم على أملاكهم ، فيضع على الغني الظاهر الغنى في كل سنة ثمانية وأربعين درهما يأخذ منهم في كل شهر أربعة دراهم . وعلى وسط الحال أربعة وعشرين درهما في كل شهر درهمين ، وعلى الفقير المعتمل اثني عشر درهما في كل شهر درهما )
وهذا عندنا . وقال الشافعي : يضع على كل حالم دينارا أو ما يعدل الدينار ، والغني والفقير في ذلك سواء { لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ خذ من كل حالم وحالمة دينارا [ ص: 46 ] أو عدله معافر } من غير فصل . ولأن الجزية إنما وجبت بدلا عن القتل حتى لا تجب على من لا يجوز قتله بسبب الكفر كالذراري والنسوان ، وهذا المعنى ينتظم الفقير والغني . ومذهبنا منقول عن عمر وعثمان وعلي ، ولم ينكر عليهم أحد من المهاجرين والأنصار ; ولأنه وجب نصرة للمقاتلة فتجب على التفاوت بمنزلة خراج الأرض ، [ ص: 47 ] وهذا لأنه وجب بدلا عن النصرة بالنفس والمال وذلك يتفاوت بكثرة الوفر وقلته ، فكذا أجرته هو بدله ، وما رواه محمول على أنه كان ذلك صلحا ، ولهذا أمره بالأخذ من الحالمة وإن كانت لا يؤخذ منها الجزية .


