الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم شريكه ) حتى إن كل واحد منهما يطالب بالعمل ويطالب بالأجر ( ويبرأ الدافع بالدفع إليه ) وهذا ظاهر في المفاوضة وفي غيرها استحسان . والقياس خلاف ذلك لأن الشركة وقعت مطلقة [ ص: 189 ] والكفالة مقتضى المفاوضة .

وجه الاستحسان أن هذه الشركة ( مقتضية للضمان ) ; ألا ترى أن ما يتقبله كل واحد منهما من العمل مضمون على الآخر ، ولهذا يستحق الأجر بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى مجرى المفاوضة في ضمان العمل واقتضاء البدل .

التالي السابق


( قوله وما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم شريكه ) حتى أن لصاحب الثوب أن يأخذ الشريك بعمله ، وللشريك الذي لم يتقبل العمل أن يطالب رب الثوب مثلا بالأجرة ، ويبرأ الدافع بدفع الأجرة إليه وإن كان إنما عمله الذي تقبله . قال المصنف ( هذا ) وهو ضمان كل منهما عمل ما تقبله الآخر ، ومطالبة كل بأجرة الآخر وبراءة الدافع إليه الأجرة ( ظاهر ) فيما إذا عقدا شركة الصنائع مفاوضة ( وفي غيرها ) وهو فيما إذا أطلقا الشركة أو قيداها بالعنان ( استحسان ) فلا فرق في ثبوت هذه الأمور بين المفاوضة والعنان فيها ( والقياس خلاف ذلك ; لأن الشركة وقعت مطلقة ) وإذا وقعت مطلقة انصرفت إلى العنان فلم تثبت المفاوضة إلا بالنص عليها أو على معناه ، وبهذا علمت أن لا فرق بين إطلاق الشركة والتنصيص على جعلها عنانا في أن المنعقد عنان [ ص: 189 ] والكفالة مقتضى المفاوضة . وجه الاستحسان أن هذه الشركة )

أعني شركة الصنائع ( مقتضية للضمان ) في القدر الذي ذكرناه ، لا أنها تضمنت توكيل تقبل العمل على صاحبه فكان العمل بالضرورة مضمونا على الآخر ولذا استحق من الأجرة بعض ما سمي للآخر ( بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى ) هذا العقد ، وإن كان عنانا ( مجرى المفاوضة في ضمان العمل ) عن الآخر ( واقتضاء البدل ) وإن لم يتقبل ضرورة ، بخلاف ما سوى هذين الأمرين هو فيها على مقتضى العنان ، ولذا لو أقر أحدهما بدين من أمر الصناعة كثمن صابون أو صبغ أو بدين للعملة عن عملهم أو أجرة بيت أو دكان لمدة مضت لا يصدق على صاحبه إلا ببينة ; لأن نفاذ الإقرار على الآخر موجب المفاوضة ولم ينصا عليها . ثلاثة لم يعقدوا بينهم شركة تقبل تقبلوا عملا ثم جاء أحدهم فعمله كله فله ثلث الأجر ولا شيء للآخرين ; لأنهم لما لم يكونوا شركاء كان على كل منهم ثلث العمل ; لأن المستحق على كل منهم ثلثه بثلث الأجر ، فإذا عمل الكل كان متطوعا في الثلثين فلا يستحق إلا ثلث الأجر




الخدمات العلمية