الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 264 ] قال ( ويجوز بيع الطعام والحبوب مكايلة ومجازفة ) وهذا إذا باعه بخلاف جنسه لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد } بخلاف ما إذا باعه بجنسه مجازفة لما فيه من احتمال الربا [ ص: 265 ] ولأن الجهالة غير مانعة من التسليم والتسلم فشابه جهالة القيمة .

التالي السابق


( قوله ويجوز بيع الطعام ) وهي الحنطة ودقيقها خاصة في العرف الماضي كما يدل عليه حديث الفطرة : { كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير } . فقوله ( والحبوب ) عطف العام على الخاص أو يقدر وكذا باقي : أي وباقي الحبوب فلا يتناول الطعام ( مكايلة ) أي بشرط عدد من الكيل . وإلا ففي اللغة المكايلة أن تكيل له ويكيل لك ( ومجازفة ) أي بلا كيل ولا وزن بل بإراءة الصبرة والجزف في الأصل : الأخذ بكثرة من قولهم جزف له في الكيل إذا أكثر ، ومرجعه إلى المساهلة .

قال المصنف ( وهذا ) يعني البيع مجازفة مقيد بغير الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها ، فأما الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها فلا يجوز مجازفة لاحتمال الربا ، وهو مانع كحقيقة الربا . وهذا أيضا مقيد بما يدخل تحت الكيل منها ، وأما ما لا يدخل كحفنة بحفنتين فيجوز وفي الفتاوى الصغرى عن محمد أنه كره التمرة بالتمرتين فقال : ما حرم في الكثير حرم في القليل . والقيد مقيد أيضا بما إذا باع غير الحبوب من الربويات بجنسها كفة بكفة فإنه لا يخرج عن المجازفة بسبب أنه لا يعرف قدره . ومع ذلك لو باع الفضة كفة ميزان بكفة ميزان جاز ; لأن المانع إنما هو احتمال الربا وهو باحتمال التفاضل ، وهو منتف فيما إذا [ ص: 265 ] وضع صبرة فضة في كفة ميزان ، ووضع مقابلتها فضة حتى وزنتها فيجوز . والحديث الذي ذكره بمعناه وهو ما روى أصحاب الكتب الستة إلا البخاري عنه عليه الصلاة والسلام أنه { قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدا بيد } ( ولأن ) هذه ( الجهالة غير مانعة من التسليم والتسلم ) لتعجل التسليم على ما تقدم فلا يمنع ( فشابه جهالة القيمة ) للمبيع بعد رؤيته ومشاهدته ، فإنه لو اشترى من إنسان ما يساوي مائة بدرهم ، والبائع لا يعلم قيمة ما باع لزم البيع




الخدمات العلمية