الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2344 49 - حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا الزهري ، قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، قال : سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وهذا الإسناد بعينه مر مرارا ، وسفيان هو ابن عيينة ، والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن عبد الأعلى بن حماد ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه ابن ماجه في الفتن ، عن أبي بكر بن أبي شيبة . قوله : " الساعة " ، أي : يوم القيامة . قوله : " ابن مريم " ، هو عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام . قوله : " حكما " بفتحتين بمعنى الحاكم . قوله : " مقسطا " ، أي : عادلا في حكمه ، وهو من الإقساط ، بكسر الهمزة ، وهو العدل ، يقال : أقسط يقسط فهو مقسط إذا عدل ، وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار وظلم فكأن الهمزة في أقسط للسلب ، كما يقال : شكا إليه فأشكاه ، أي : أزال شكواه . قوله : " فيكسر الصليب " ، إشعار بأن النصارى كانوا على الباطل في تعظيمه . قوله : " ويضع الجزية " ، أي : يتركها فلا يقبلها ، بل يأمرهم بالإسلام . فإن قلت : هذا يخالف حكم الشرع ، فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ، فلا يجوز بعد ذلك إكراهه على الإسلام ، ولا قتله . ( قلت ) : هذا الحكم الذي كان بيننا ينتهي بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام . فإن قلت : هذا يدل على أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينسخ الحكم الذي كان في شرعنا ، والحال أنه تابع لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم . ( قلت ) : ليس هو بناسخ ، بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي بين بالنسخ ، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك بأمر نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأما ترك الجزية فإنها كانت تؤخذ في زماننا لحاجتنا إلى المال ، وأما في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام ، فيكثر المال ، وتفتح الكنوز ، حتى لا يلتقي أحد من يقبل منه ، فلذلك يترك الجزية . قوله : " ويفيض " بالفاء ، والضاد المعجمة ، من فاض الماء والدمع وغيرهما ، يفيض فيضا إذا كثر ، وقيل : السبب في فيضان المال نزول البركات ، وظهور الخيرات ، وقلة الرغبات لقصر الآمال لعلمهم بقرب يوم القيامة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية