الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2965 41 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد ، فغنموا إبلا كثيرا ، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا ، أو أحد عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " ونفلوا " على صيغة المجهول من التنفيل ، وهو الإعطاء لغة ، وقال الخطابي : التنفيل عطية يخص بها الإمام من أبلى بلاء حسنا وسعى سعيا جميلا ، كالسلب إنما يعطى للقاتل كالقتالة وكفايته . قوله : " بعث سرية " ، وهي طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو . قوله : " فيها عبد الله " ، وهو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ، وصرح بذلك مسلم في روايته ، فإنه أخرجه في المغازي عن يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نجد ، فغنموا إبلا كثيرة ، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا ، أو أحد عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا ، وأخرجه أبو داود في الجهاد ، عن القعنبي عن مالك ، وعن القعنبي وابن موهب ، كلاهما عن الليث ، عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد . الحديث . ورواه الطحاوي عن محمد بن خزيمة ، عن يوسف بن عدي ، عن ابن المبارك عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها ابن عمر ، فغنموا غنائم كثيرة ، فكانت غنائمهم لكل إنسان اثني عشر بعيرا ، ونفل كل إنسان منهم بعيرا بعيرا سوى ذلك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قبل نجد " بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي ناحية نجد وجهتها ، والنجد بفتح النون وسكون الجيم ، وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق ، وروي أن هذه السرية كانوا عشرة ، فغنموا مائة وخمسين بعيرا ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثين ، وأخذوا هم عشرين ومائة ، وأخذ كل واحد منها اثني عشر بعيرا ، ونفل بعيرا . قوله : " فغنموا إبلا كثيرة " ، وفي رواية لمسلم : " فأصبنا إبلا وغنما " . قوله : " فكانت سهامهم " أي أنصباؤهم اثني عشر بعيرا ، وقال النووي : معناه أسهم لكل واحد منهم ، وقد قيل : معناه سهمان جميع الغانمين اثني عشر بعيرا ، وهذا غلط ، وقد جاء في بعض روايات أبي داود وغيره أن الاثني عشر بعيرا كانت سهمان كل واحد من الجيش ، والسرية ، ونفل السرية سوى هذا بعيرا بعيرا . قوله : " أو أحد عشر " قال ابن عبد البر : اتفق جماعة رواة الموطإ على أن روايته بالشك إلا الوليد بن مسلم ، فإنه رواه عن شعيب ومالك ، فلم يشك ، وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب ، وكذا أخرج أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث بغير شك ، وقال أبو عمر : قال سائر أصحاب نافع : اثني عشر بعيرا بغير شك ، ولم يقع الشك فيه . قوله : " ونفلوا " على صيغة المجهول كما ذكرنا ، وفي رواية : " فنفلوا بعيرا " فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية : " ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، والجمع بين هذه الروايات أن أمير السرية نفلهم فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجوز نسبته إلى كل منهما .

                                                                                                                                                                                  واحتج بهذا الحديث سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق في جواز التنفيل بعد سهامهم قالوا : هذا ابن عمر يخبر أنهم قد نفلوا بعد سهامهم بعيرا بعيرا ، فلم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال النووي : واختلفوا في محل النفل ، هل هو من أصل الغنيمة ، أو من أربعة أخماسها ، أم من خمس الخمس ، وهي ثلاثة أقوال للشافعي ، وبكل منها قال جماعة من العلماء ، والأصح عندنا أنه من خمس الخمس ، وبه قال ابن المسيب ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وآخرون وممن قال : إنه من أصل الغنيمة الحسن البصري والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وآخرون ، وأجاز النخعي أن تنفل السرية جميع ما غنمت دون باقي الجيش ، وهو خلاف ما قاله العلماء كافة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية