التالي السابق

الشرح

أَيْ: هَذَا بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ إِلَى هُنَا رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.

قَوْلُهُ: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا " يَعْنِي: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي تُحِبُّ أَنْ تَسْتَقْبِلَهَا الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا أَوَّلًا بِمَكَّةَ، وَمَا رَدَدْنَاكَ إِلَيْهَا إِلَّا امْتِحَانًا لِلنَّاسِ وَابْتِلَاءً; لِنَعْلَمَ الثَّابِتَ عَلَى الْإِسْلَامِ الصَّادِقَ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَى حَرْفٍ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ لِقَلَقِهِ فَيَرْتَدُّ.

قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَتْ" كَلِمَةُ إِنِ الْمُخَفَّفَةُ الَّتِي تَلْزَمُهَا اللَّامُ الْفَارِقَةُ، وَالضَّمِيرُ فِي كَانَتْ يَرْجِعُ إِلَى التَّحْوِيلَةِ أَوْ إِلَى الْقِبْلَةِ.

قَوْلُهُ: "لِكَبِيرَةً" أَيْ لَثَقِيلَةً شَاقَّةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، وَهُمُ التَّائِبُونَ الصَّادِقُونَ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ.

قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ " أَيْ ثَبَاتَكُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ " أَيْ بِالْقِبْلَةِ [ ص: 96 ] الْأُولَى وَتَصْدِيقَكُمْ نَبِيَّكُمْ بِاتِّبَاعِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ الْأُخْرَى، أَيْ: لِيُعْطِيَكُمْ أَجْرَهُمَا جَمِيعًا.

أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول إلى هنا رواية أبي ذر، وفي رواية غيره إلى آخر الآية التي ذكرناها.

قوله: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " يعني: وما جعلنا القبلة التي تحب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أولا بمكة، وما رددناك إليها إلا امتحانا للناس وابتلاء; لنعلم الثابت على الإسلام الصادق فيه ممن هو على حرف ينكص على عقبيه لقلقه فيرتد.

قوله: "وإن كانت" كلمة إن المخففة التي تلزمها اللام الفارقة، والضمير في كانت يرجع إلى التحويلة أو إلى القبلة.

قوله: "لكبيرة" أي لثقيلة شاقة إلا على الذين هدى الله، وهم التائبون الصادقون في اتباع الرسول.

قوله: وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي ثباتكم على الإيمان، وعن ابن عباس وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي بالقبلة [ ص: 96 ] الأولى وتصديقكم نبيكم باتباعه إلى القبلة الأخرى، أي: ليعطيكم أجرهما جميعا.