الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4345 143 - حدثنا منذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن موسى بن أنس، عن ( أنس) رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط قال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم حنين، فقال رجل: من أبي؟ قال: فلان، فنزلت هذه الآية لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ومنذر -على وزن اسم الفاعل من الإنذار - ابن الوليد بن عبد الرحمن بن أبي حبيب ابن علباء بن حبيب بن الجارود العبدي البصري الجارودي، نسبة إلى جده الأعلى وهو ثقة، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر في كفارات الأيمان، وأبوه ما له ذكر إلا في هذا الموضع، وموسى بن أنس هو ابن أنس بن مالك يروي عن أبيه هذا الحديث.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه البخاري أيضا في الرقاق وفي الاعتصام، عن محمد بن عبد الرحيم، وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن معمر وغيره، وأخرجه الترمذي في التفسير، عن محمد بن معمر، وأخرجه النسائي في الرقاق، عن محمود بن غيلان مختصرا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لهم حنين" بالحاء المهملة في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني بالخاء المعجمة قال [ ص: 213 ] النووي: هكذا في معظم النسخ، ولمعظم الرواة يعني بالمعجمة. قال القرطبي: وهو المشهور، وهو خروج الصوت من الأنف بغنة، وفي التوضيح وعند العذري بحاء مهملة، وممن ذكرها القاضي وصاحب التحرير، وذكر القزاز أنه قد يكون الحنين والخنين واحدا إلا أن الذي بالمهملة من الصدر وبالمعجمة من الأنف، وقال ابن سيده: الحنين من بكاء النساء دون الانتحاب، وقيل: هو تردد البكاء حتى يصير في الصوت غنة، وقيل: هو رفع الصوت بالبكاء، وقيل: هو صوت يخرج من الأنف حتى يخن، والخنين أيضا الضحك إذا أظهره الإنسان فخرج خافيا، وقال في الحاء المهملة: الحنين الشديد من البكاء والطرب، وقيل: هو صوت الطرب كان ذلك عن حزن أو فرح. وقال الخطابي: الحنين بكاء دون الانتحاب.

                                                                                                                                                                                  قلت: وأصله من حنين المرأة وهو نزاعها إلى ولدها، وإن لم يكن لها صوت عند ذلك. وقال ابن فارس: وقد يكون حنينها صوتها، ويدل عليه ما جاء في الحديث من حنين الجذع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال رجل: من أبي؟" قال بعضهم: تقدم في العلم أنه عبد الله بن حذافة. قلت: فيه نظر لا يخفى; لأن الذي في العلم من رواية شعيب، عن الزهري، عن أنس، وهذا من رواية شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس، فمن أين التعيين؟! على أن في رواية العسكري نزلت في قيس بن حذافة، وفي رواية: خارجة بن حذافة، وكل هؤلاء صحابة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية