الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6592 12 - حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، عن يونس، عن الزهري، حدثني أبو سلمة، أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي .

                                                                                                                                                                                  قال أبو عبد الله : قال ابن سيرين : إذا رآه في صورته .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه يوضحها أن رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في المنام صحيحة لا تنكر، وليست بأضغاث أحلام، ولا من تشبيهات الشيطان، يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم ( فقد رأى الحق ) أي: الرؤيا الصحيحة .

                                                                                                                                                                                  وذكر أبو الحسن ، عن علي بن أبي طالب في مدخله الكبير: رؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على الخصب والأمطار، وكثرة الرحمة، ونصر المجاهدين وظهور الدين، وظفر الغزاة والمقاتلين، ودمار الكفار وظفر المسلمين بهم وصحة الدين، إذا رئي في الصفات المحمودة، وربما دل على الحوادث في الدين وظهور الفتن والبدع إذا رئي في الصفات المكروهة .

                                                                                                                                                                                  وعبدان شيخ البخاري : لقب عبد الله بن عثمان المروزي ، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي ، ويونس هو ابن يزيد الأيلي ، والزهري هو محمد بن مسلم ، وأبو سلمة : ابن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في التعبير عن أبي الطاهر بن السرح وغيره، وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فسيراني في اليقظة ) زاد مسلم من هذا الوجه: أو فكما رآني في اليقظة . هكذا بالشك . ومعنى لفظ البخاري : أن المراد أهل عصره، أي من رآه في المنام وفقه الله للهجرة إليه والتشرف بلقائه صلى الله عليه وسلم، أو يرى تصديق تلك الرؤيا في الدار الآخرة، أو يراه فيها رؤية خاصة في القرب منه والشفاعة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ولا يتمثل الشيطان بي ) أي: لا يحصل له مثال صورتي ولا يتشبه بي، قالوا: كما منع الله الشيطان أن يتصور بصورته في اليقظة، كذلك منعه في المنام لئلا يشتبه الحق بالباطل .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال أبو عبد الله .. إلى آخره ) لم يثبت للنسفي ولأبي ذر ، وثبت عند غيرهما، وأبو عبد الله هو البخاري نفسه .

                                                                                                                                                                                  قال محمد بن سيرين : إذا رآه في صورته . أراد أن رؤيته إياه صلى الله عليه وسلم لا تعتبر إلا إذا رآه على صفته التي وصف بها صلى الله عليه وسلم . وهذا التعليق رواه إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن سليمان بن حرب من شيوخ البخاري ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال: كان محمد - يعني ابن سيرين - إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صف الذي رأيته، فإن وصف له بصفة لا يعرفها قال: لم يره . وهذا سند صحيح .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: يعارضه ما أخرجه ابن أبي عاصم من وجه آخر، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني، فإني أرى في كل صورة .

                                                                                                                                                                                  قلت: في سنده صالح مولى التوأمة ، وهو ضعيف لاختلاطه، وهو من رواية من سمع منه بعد الاختلاط .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية