الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6670 30 - حدثنا محمد بن عبيد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. قال إبراهيم: وحدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد بن عبيد الله - مصغرا - ابن محمد مولى عثمان بن عفان الأموي ، وإبراهيم بن سعد يروي عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن عمه أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الفتن أيضا عن إسحاق بن منصور .

                                                                                                                                                                                  قوله: (ستكون فتن) ، وفي رواية المستملي " فتنة "، والمراد جميع الفتن، وقيل: هي الاختلاف الذي يكون بين أهل الإسلام بسبب افتراقهم على الإمام ، ولا يكون المحق فيها معلوما بخلاف علي ومعاوية .

                                                                                                                                                                                  قوله: (القاعد فيها) أي: في الفتن (خير من القائم) إشارة إلى أن شرها يكون بحسب التعلق بها، وزاد الإسماعيلي : والنائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القاعد.

                                                                                                                                                                                  ولمسلم : اليقظان فيها خير من النائم ، وللبزار : " ستكون فتن، ثم تكون فتن " بزيادة: والمضطجع خير من القاعد فيها.

                                                                                                                                                                                  ولأبي داود : المضطجع فيها خير من الجالس، والجالس خير من القائم. ومعنى " القاعد خير من القائم " الذي لا يستشرفها.

                                                                                                                                                                                  وقال الداودي : الظاهر أنه إنما أراد أن يكون فيها قاعدا، وحكى ابن التين عنه أن الظاهر أن المراد من يكون مباشرا لها في الأحوال كلها، يعني أن بعضهم في ذلك أشد من بعض فأعلاهم في ذلك الساعي فيها بحيث يكون سببا لإثارتها، ثم من يكون قائما بأسبابها وهو الماشي، ثم من يكون مباشرا لها وهو القائم، ثم من يكون مع النظارة ولا يقاتل وهو القاعد، ثم من يكون محسنا لها ولا يباشر ولا ينظر وهو المضطجع اليقظان، ثم من لا يقع منه شيء من ذلك ولكنه راض وهو النائم، والمراد بالأفضلية في هذه الخيرية من يكون أقل شرا ممن فوقه على التفصيل المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: (من تشرف) بفتح التاء المثناة من فوق والشين المعجمة وتشديد الراء على وزن تفعل، أي: تطلع لها بأن يتصدر ويتعرض [ ص: 191 ] لها ولا يعرض عنها.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : ويروى " من يشرف " من الإشراف.

                                                                                                                                                                                  قوله: (تستشرفه) أي: تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك، يقال: استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ملجأ) أي: موضعا يلتجأ إليه من شرها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أو معاذا) بفتح الميم وبالعين المهملة وبالذال المعجمة، أي: موضع العوذ، وهو بمعنى الالتجاء أيضا.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : رويناه بالضم يعني بضم الميم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فليعذ به) جواب قوله: (فمن وجد) .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية