الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6671 31 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتن؛ القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في الحديث المذكور، أخرجه عن أبي اليمان الحكم بن نافع ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن مسلم الزهري إلى آخره. قد ذكرنا أن المراد من قوله: (فتن) جميع الفتن.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: إذا كان المراد جميع الفتن فما تقول في الفتن الماضية وقد علمت أنه نهض فيها من خيار التابعين خلق كثير، وإن كان المراد بعض الفتن فما معناه وما الدليل على ذلك؟

                                                                                                                                                                                  قلت: أجاب الطبري بأنه قد اختلف السلف في ذلك؛ فقيل: المراد به جميع الفتن، وهي التي قال الشارع فيها: القاعد فيها خير من القائم. وممن قعد فيها من الصحابة: حذيفة ، ومحمد بن سلمة ، وأبو ذر ، وعمران بن حصين ، وأبو موسى الأشعري ، وأسامة بن زيد ، وأهبان بن صيفي ، وسعد بن أبي وقاص ، وابن عمر ، وأبو بكرة ، ومن التابعين شريح والنخعي .

                                                                                                                                                                                  وقالت طائفة بلزوم البيت، وقالت طائفة بلزوم التحول عن بلد الفتن أصلا، ومنهم من قال: إذا هجم عليه شيء من ذلك يكف يده ولو قتل. ومنهم من قال: يدافع عن نفسه وعن ماله وعن أهله، وهو معذور إن قتل أو قتل. وقيل: إذا بغت طائفة على الإمام فامتنعت عن الواجب عليها ونصبت الحرب وجب قتالها، وكذلك لو تحاربت طائفتان وجب على كل قادر الأخذ على يد المخطئ ونصر المظلوم، وهذا قول الجمهور.

                                                                                                                                                                                  وقال الطبري : والصواب أن يقال إن الفتنة أصلها الابتلاء ، وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه، فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المخطئ أخطأ، وإن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها، وذهب آخرون إلى أن الأحاديث وردت في حق ناس مخصوصين وأن النهي مخصوص بمن خوطب بذلك، وقيل: إن أحاديث النهي مخصوصة بآخر الزمان حيث يحصل التحقق أن المقاتلة إنما هي في طلب الملك.

                                                                                                                                                                                  قلت: يدخل فيها الترك أصحاب مصر حيث لم يكن بينهم قتال إلا لطلب الملك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية