الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1229 وقال عمر رضي الله عنه : دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وهذا تعليق وصله البيهقي عن عبد الله بن يوسف الأصفهاني ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق قال : لما مات خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه اجتمع نسوة بني المغيرة يبكين عليه فقيل لعمر : أرسل إليهن فانههن فقال عمر : ما عليهن أن يهرقن دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة ، وأبو سليمان كنية خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  قال بعضهم ( تنبيه ) : كانت وفاة خالد بن الوليد بالشام سنة إحدى وعشرين ، قلت : لم ينبه أحدا فإن الشام اسم لهذه الأقاليم المشهورة ، وحدها من الغرب بحر الروم من طرسوس إلى رفح التي في أول الجفار بين مصر والشام ، ومن الجنوب من رفح إلى حدود تيه بني إسرائيل إلى ما بين الشوبك وأيلة إلى البلقاء ، ومن الشرق إلى مشارف صرخد إلى مشارف حلب إلى بالس ، ومن الشمال من بالس مع الفرات إلى قلعة نجم إلى البئيرة إلى قلعة الروم إلى سمياط إلى حصن الروم إلى بهنسا إلى مرعش إلى طرسوس إلى بحر الروم من حيث ابتدأنا ، فإذا كان الأمر كذلك كيف ينبه الناظر ؟ وكيف يعلم وفاة خالد في أي صقع من بلاد الشام كانت ؟ فنقول : قد اختلف أهل السير والأخبار [ ص: 83 ] في مكان وفاته قال الواقدي : مات خالد رضي الله عنه في بعض قرى حمص على ميل من حمص في سنة إحدى وعشرين ، قال صاحب ( المرآة ) : هذا قول عامة المؤرخين ، وذكر ابن الجوزي في التلقيح قال : لما عزل عمر خالدا لم يزل مرابطا بحمص حتى مات ، وقال إسحاق بن بشر : قال محمد : مات خالد بن الوليد بالمدينة ، فخرج عمر رضي الله عنه في جنازته ، وإذا أمه تندب وتقول أبياتا أولها هو قولها :


                                                                                                                                                                                  أنت خير من ألف ألف من القوم إذا ما كنت في وجوه الرجال



                                                                                                                                                                                  فقال عمر : صدقت إن كان كذلك وجماعة على أنه مات بالمدينة ، واحتجوا في ذلك بما رواه سيف بن عمر ، عن مبشر ، عن سالم قال : حج عمر رضي الله عنه واشتكى خالد بعده وهو خارج المدينة زائرا لأمه ، فقال لها : قدموني إلى مهاجري فقدمت به المدينة ومرضته ، فلما ثقل وأظل قدوم عمر لقيه لاق على مسيرة ثلاثة أيام ، وقد صدر عمر عن الحج فقال له عمر : مهيم فقال خالد بن الوليد : ثقل لما به فطوى ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى فرق عليه فاسترجع وجلس ببابه حتى جهز ، وبكته البواكي فقيل لعمر : ألا تسمع لهذه فقال : وما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقع أو لقلقة . وقال الموفق في الأنساب عن محمد بن سلام قال : لم تبق امرأة من نساء بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد أي : حلقن رأسها ، وشققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، وأطعمن الطعام ما نهاهن عمر قالوا : فهذا كله يقتضي موته بالمدينة ، وإليه ذهب دحيم أيضا ، وقالت عامة العلماء منهم الواقدي وأبو عبيد وإبراهيم بن المنذر ، ومحمد بن عبد الله وأبو عمر والعصفري وموسى بن أيوب ، وأبو سليمان بن أبي محمد وآخرون : إنه مات بحمص سنة إحدى وعشرين ، وزاد الواقدي وأوصى إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية