الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1375 46 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد " .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الترجمة جزء من الحديث ، وهو ظاهر .

                                                                                                                                                                                  ورجاله قد ذكروا غير مرة ، وموسى هو ابن إسماعيل التبوذكي ، وابن طاوس هو عبد الله .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه البخاري أيضا في الجهاد ، عن موسى بن إسماعيل ، وأخرجه مسلم في الزكاة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه النسائي فيه ، عن أحمد بن سليمان .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مثل البخيل والمنفق " ووقع عند مسلم من طريق سفيان ، عن أبي الزناد " مثل المنفق والمتصدق " قال عياض : هو وهم ، ويمكن أنه حذف مقابله لدلالة السياق عليه ، وقال النووي : وقع في باقي الروايات مثل البخيل والمتصدق ، وقد يحتمل أن صحة رواية المنفق والمتصدق أن يكون فيه حذف ، تقديره : مثل المنفق والمتصدق وقسيمهما هو البخيل ، وحذف البخيل لدلالة المنفق والمتصدق عليه ، كقوله تعالى : سرابيل تقيكم الحر أي : والبرد ، حذف البرد لدلالة الكلام عليه ، قيل : رواه الحميدي وأحمد وابن أبي عمرو وغيرهم في مسانيدهم ، عن ابن عيينة ، فقالوا في رواياتهم : " مثل المنفق والبخيل " كما في رواية شعيب ، عن أبي الزناد ، وهو الصواب ، قوله : " والمتصدق " .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 308 ] وقع في بعض الأصول المتصدق بالتاء . وفي بعضها بحذف التاء ، وتشديد الصاد ، هما صحيحان ، قاله النووي .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : وجه هذا أن التاء لا تحذف ، بل تقلب صادا ثم تدغم الصاد في الصاد ، وهذا الذي تقتضيه القاعدة . قوله " كمثل رجلين " . وفي رواية عمرو " رجل " بالإفراد ، وكأنه تغيير من بعض الرواة ، وصوابه رجلين ، قوله " جبتان " بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة ، كذا في هذه الرواية ، ووقع في رواية مسلم " كمثل رجل عليه جبتان أو جنتان " ، وقال النووي : أما جبتان أو جنتان ، فالأول بالباء والثاني بالنون ، ووقع في بعض الأصول عكسه ، وقال ابن قرقول : والنون أصوب بلا شك ، وهي الدرع ، يدل عليه قوله في الحديث نفسه : " لزقت كل حلقة " . وفي لفظ " فأخذت كل حلقة موضعها " ، وكذا قوله " من حديد " .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : ورواه حنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، عن طاوس بالنون كما يجيء عن قريب ، ورجحت هذه الرواية بما قاله ابن قرقول ، والجنة هي الحصن في الأصل ، وسميت بها الدرع ; لأنها تجن صاحبها ، أي : تحصنه ، والجبة بالباء الموحدة هي الثوب المعين ، وقال بعضهم : ولا مانع من إطلاقه على الدرع .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : المانع موجود ; لأن الجبة بالباء لا تحصن مثل الجنة بالنون ، وقال الزمخشري في الفائق : جنتان بالنون في هذا الموضع بلا شك ، ولا اختلاف ، وقال الطيبي : هو الأنسب ; لأن الدرع لا يسمى جبة بالباء ، بل بالنون .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية