1029 ص: وقد روي عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- في ذلك ما يدل على نسخ ما روي في ذلك عن عائشة وحفصة -رضي الله عنها- كما حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا ، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي ، قال: ثنا فضيل بن مرزوق ، قال: ثنا شقيق بن عقبة ، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: "نزلت: "حافظوا على الصلوات وصلاة العصر" [ ص: 330 ] فقرأناها على عهد رسول الله -عليه السلام- ما شاء الله، ثم نسخها الله - عز وجل - فأنزل: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى .
قال أبو جعفر - رحمه الله -: فأخبر البراء في هذا الحديث أن التلاوة الأولى هي كما روت عائشة وحفصة ، وأنه نسخ ذلك التلاوة التي قامت بها الحجة، فإن كان قوله الثاني: "والصلاة الوسطى" نسخا للعصر أن تكون هي الوسطى فذلك نسخ لها، وإن كان نسخا لتلاوة أحد اسميها وتثبيتا لاسمها الآخر؛ فإنه قد ثبت أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، فلما احتمل هذا ما ذكرنا، عدنا إلى ما روي عن النبي -عليه السلام- في ذلك، فحدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا شجاع بن الوليد ، قال: أنا زائدة بن قدامة ، قال: سمعت عاصما يحدث، عن زر ، عن علي -رضي الله عنه - قال: "قاتلنا الأحزاب فشغلونا عن العصر حتى كربت الشمس أن تغيب، فقال النبي -عليه السلام-: اللهم املأ قلوب الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى نارا، واملأ بيوتهم نارا، واملأ قلوبهم نارا، قال علي -رضي الله عنه -: كنا نرى أنها صلاة الفجر" .
قال أبو جعفر : فهذا علي -رضي الله عنه - قد أخبر أنهم كانوا يرونها قبل قول النبي -عليه السلام- هذا؛ الصبح، حتى سمعوا النبي -عليه السلام- يومئذ يقول هذا، فعلموا بذلك أنها العصر .


