الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1094 ص: وقد كان يفعل أيضا مثل هذا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال: ثنا محمد بن إدريس ، قال: أنا سفيان ، قال: ثنا عثمان بن أبي سليمان ، قال: سمعت عراك بن مالك يقول: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: " قدمت المدينة ورسول الله -عليه السلام- بخيبر ، ورجل من بني غفار يؤم الناس ، فسمعته يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بسورة مريم ، وفي الثانية ويل للمطففين " .

                                                وكما حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا المقدمي ، قال: ثنا فضيل بن سليمان ، عن خثيم بن عراك بن مالك ، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مثله، غير أنه قال: "واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري ، وصليت خلفه" .

                                                قال أبو جعفر - رحمه الله -: فهذا سباع بن عرفطة -رضي الله عنه- قد كان في عهد النبي -عليه السلام- باستخلاف النبي -عليه السلام- إياه يصلي بالناس صلاة الصبح هكذا، يطيل فيها القراءة حتى يصيب فيها التغليس والإسفار جميعا.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد كان يفعل أيضا مثل ما ذكر من تطويل القراءة في الصبح ، الذي يدل على الإسفار على عهد رسول الله -عليه السلام- أي على زمنه وأيامه، كما في حديث أبي هريرة ، فإنه أخبر أن سباع بن عرفطة قد كان يصلي بالناس صلاة الصبح باستخلاف النبي -عليه السلام- إياه حين سافر إلى خيبر ، وكان يقرأ في الركعة الأولى بسورة ( مريم )، وفي الثانية ب (المطففين) ، وإنما كان يفعل هكذا حتى يجمع بين التغليس [ ص: 418 ] والإسفار، وهو يدل أيضا على أن عنده علما من النبي -عليه السلام- في ذلك.

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم المزني أبي إبراهيم صاحب الإمام الشافعي الفقيه المشهور المقدم في مذهب الشافعي خال الطحاوي ، عن محمد بن إدريس الإمام الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي المكي ، عن عراك بن مالك الغفاري المدني ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه ابن حزم في "المحلى": من حديث سفيان بن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان النوفلي ، عن عراك بن مالك ، سمع أبا هريرة يقول: "قدمت المدينة ورسول الله -عليه السلام- بخيبر ، فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الصبح، يقرأ في الركعة الأول. سورة (مريم)، وفي الثانية: (ويل للمطففين)" .

                                                قوله: "ورسول الله -عليه السلام- بخيبر " جملة حالية، وكذلك قوله: "ورجل من بني غفار " جملة حالية، وهذا الرجل هو سباع بن عرفطة الغفاري كما فسره في الرواية الثانية، وكانت خيبر في سنة ست على قول الزهري ، والصحيح أن ذلك في أول سنة سبع.

                                                الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن المقدمي - بضم الميم، وفتح الدال المشددة – وهو محمد بن أبي بكر بن على بن عطاء بن مقدم شيخ البخاري ومسلم ، عن فضيل بن سليمان النميري ، عن خثيم بن عراك بن مالك ، عن أبيه عراك بن مالك الغفاري المدني ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث الدراوردي ، حدثني خثيم بن عراك ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: "خرج رسول الله -عليه السلام- فاستخلف سباع بن [ ص: 419 ] عرفطة على المدينة ، فقدمت المدينة مهاجرا، فصليت الصبح وراءه، فقرأ في السجدة الأولى: سورة مريم ، وفي الأخرى: ويل للمطففين" .

                                                وقال الذهبي : إسناده صالح، وسباع بن عرفطة من مشاهير الصحابة.




                                                الخدمات العلمية