الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                982 ص: وقد روى هذا الحديث غير أسامة عن نافع كما رواه أسامة ، كما حدثنا الربيع المؤذن ، قال: ثنا بشر بن بكر ، قال: حدثني ابن جابر ، قال: ثنا نافع ، قال: " خرجت مع عبد الله بن عمر وهو يريد أرضا له، قال: فنزلنا منزلا، فأتاه رجل فقال له: إن صفية ابنة أبي عبيد لما بها ولا أظن أن تدركها، فخرج مسرعا ومعه رجل من قريش ، فسرنا حتى إذا غابت الشمس لم نصل الصلاة، وكان عهدي بصاحبي وهو محافظ على الصلاة، فلما أبطأ قلت: الصلاة رحمك الله فما التفت إلي ومضى كما هو، حتى إذا كان في آخر الشفق نزل فصلى المغرب ثم العشاء وقد توارت ، ثم أقبل علينا فقال: كان رسول الله -عليه السلام- إذا عجل به أمر صنع هكذا" .

                                                أو كما حدثنا يزيد بن سنان ، قال: ثنا أبو عامر العقدي ، قال: ثنا العطاف بن خالد المخزومي ، عن نافع قال: " أقبلنا مع ابن عمر حتى إذا كنا ببعض الطرق استصرخ على زوجته ابنة أبي عبيد ، فراح مسرعا حتى غابت الشمس فنودي بالصلاة، فلم ينزل، حتى إذا أمسى ظننت أنه قد نسي فقلت: الصلاة، فسكت حتى إذا كاد الشفق أن يغيب نزل، فصلى المغرب، وغاب الشفق وصلى العشاء، وقال: هكذا كنا نفعل مع النبي -عليه السلام- إذا جد بنا السير" .

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بهذا إلى أن اثنان من الثقات تابعا أسامة فيما رواه عن نافع :

                                                أحدهما: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي أبو عتبة الشامي الدمشقي الداراني ممن روى لهم الجماعة، أخرج الطحاوي حديثه بإسناد صحيح.

                                                [ ص: 262 ] وأخرجه النسائي أخبرني محمود بن خالد ، قال: ثنا الوليد ، قال: ثنا ابن جابر ، قال: حدثني نافع ، قال: "خرجت مع عبد الله بن عمر في سفر نريد أرضا له، فأتاه آت فقال: إن صفية بنت أبي عبيد لما بها فانظر أن تدركها، فخرج مسرعا ومعه رجل من قريش يسايره، وغابت الشمس فلم يصل الصلاة، وكان عهدي به وهو محافظ على الصلاة، فلما أبطأ قلت: الصلاة يرحمك الله، فالتفت إلي ومضى، حتى إذا كان في آخر الشفق نزل فصلى المغرب، ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق فصلى بنا، ثم أقبل علينا فقال: إن رسول الله -عليه السلام- كان إذا عجل به السير صنع هكذا" .

                                                قوله: "وهو يريد" جملة حالية.

                                                قوله: "لما بها" بكسر اللام وتخفيف الميم، في محل الرفع على أنها خبر ل"إن" في قوله: "إن صفية ابنة أبي عبيد " والمعنى أن صفية هالكة؛ لما بها من الضعف الشديد، ولا أظن أن تدركها وهي بالحياة.

                                                قوله: "وقد توارت " أي غاب الشفق.

                                                والآخر: العطاف بن خالد بن عبد الله القرشي أبو صفوان المدني ، قال يحيى بن معين : ليس به بأس ثقة صالح الحديث. وعن أبي داود : ثقة. روى له الترمذي والنسائي .

                                                أخرج الطحاوي حديثه عن يزيد بن سنان القزاز ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي البصري ، عنه.

                                                وأخرجه الدارقطني في "سننه": ثنا الحسن بن إسماعيل ، ثنا أحمد بن منصور ، ثنا ابن أبي مريم ، ثنا عطاف بن خالد ، حدثني نافع قال: "أقبلنا مع ابن عمر صادرين من مكة ، حتى إذا كنا ببعض الطريق استصرخ على زوجته صفية ، فأسرع [ ص: 263 ] السير، فكان إذا غابت الشمس نزل فصلى المغرب، فلما كان تلك الليلة ظننا أنه نسي الصلاة، فقلنا له: الصلاة، فسار حتى إذا كاد أن يغيب الشفق نزل فصلى، وغاب الشفق ثم قام فصلى العتمة، ثم أقبل علينا فقال: هكذا كنا نصنع مع رسول الله -عليه السلام- .

                                                قوله: "استصرخ" على بناء المجهول، وقد فسرناه.

                                                قوله: "إذا جد بنا السير" من جد يجد ويجد بالضم والكسر، وجد به الشيء وأجد، والمعنى: إذا أسرع بنا السير، يقال: جد في السير إذا اهتم به وأسرع.

                                                والمفهوم من الحديثين: أنه صلى المغرب في آخر وقتها، وصلى العشاء في أول وقتها ، فيكون الجمع بينهما فعلا لا وقتا.




                                                الخدمات العلمية