1132 ص: فإن قال قائل: إن حكم الظهر أن يعجل في سائر الزمان، ولا يؤخر ، كما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث خباب وعائشة وجابر وأبي برزة -رضي الله عنهم- وإنما كان من النبي -عليه السلام- من أمره إياهم بالإبراد رخصة منه لهم لشدة الحر؛ لأن مسجدهم لم يكن له ظلال، وذكر في ذلك ما قد روي عن ميمون بن مهران ، فيه كما قد حدثنا فهد ، قال: ثنا علي [بن] معبد ، قال: ثنا أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران ، قال:؛ لا بأس بالصلاة نصف النهار وإنما كانوا يكرهون الصلاة نصف النهار؛ لأنهم كانوا يصلون بمكة وكانت شديدة الحر ولم يكن لهم ظلال، فقال: [ ص: 465 ] أبردوا بها. قيل له: هذا الكلام يستحيل؛ لأن هذا لو كان كما ذكرت لما أخرها رسول الله -عليه السلام- وهو في السفر، حيث لا كن ولا ظل على ما في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- ولصلاها حينئذ في أول وقتها في غير كن ولا ظل، فتركه الصلاة حينئذ دليل على أن ما كان منه من الأمر بالإبراد ليس لأن يكونوا في شدة الحر في الكن، ثم يخرجون فيصلون الظهر في حال ذهاب الحر؛ لأنه لو كان ذلك كذلك لصلاها حيث لا كن في أول وقتها ولكن ما كان منه -عليه السلام- من هذا القول عندنا -والله أعلم- إيجاب منه أن ذلك هو سنتها، كان الكن موجودا أو معدوما.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.


