1146 ص: فإن قال قائل: وكيف يكون ذلك كذلك وقد روي عن أنس -رضي الله عنه- في ذم من يؤخر العصر ؟ فذكر في ذلك ما قد حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن العلاء بن عبد الرحمن ، أنه قال: "دخلت على أنس بن مالك بعد الظهر، فقام يصلي العصر، فلما فرغ من صلاته، ذكرنا تعجيل الصلاة - أو ذكرها - فقال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: تلك صلاة المنافقين - قالها ثلاثا - يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس، وكانت بين قرني شيطان - أو على قرني الشيطان - قام فنقرها أربعا لا يذكر الله - عز وجل - فيهن إلا قليلا" .
قيل له: قد بين أنس في هذا الحديث التأخير المكروه ما هو، إنما هو التأخير الذي لا يمكن بعده أن يصلي العصر إلا أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا، فأما صلاة يصليها متمكنا ويذكر الله فيها متمكنا قبل تغير الشمس، فليس ذلك من الأول في شيء، وأولى بنا في هذه الآثار لما جاءت هذا المجيء أن نحملها ونخرج وجوهها على الاتفاق، لا على الخلاف والتضاد، فنجعل التأخير المكروه فيها هو ما بينه العلاء عن أنس ، ونجعل الوقت المستحب من وقتها أن تصل فيه هو ما بينه أبو الأبيض عن أنس ، ووافقه على ذلك أبو مسعود -رضي الله عنه-.


