الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1897 1898 1899 1900 1901 1902 ص: وقالوا: ما ذكر في هذه الآثار من فعل النبي - عليه السلام - وسؤاله ربه فهو جائز أيضا يسأل الله ذلك، فليس فيه دفع أن يكون من سنة الإمام إذا أراد أن يستسقي بالناس أن يفعل ما ذكرنا.

                                                فنظرنا فيما ذكروا من ذلك، هل نجد له من الآثار دليلا؟ فإذا يونس قد حدثنا، قال: نا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد: " ، أن النبي - عليه السلام - خرج إلى المصلى فاستسقى، فقلب رداءه".

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا مسدد ، قال: ثنا هشيم ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد: " ، أن النبي - عليه السلام - استسقى فحول رداءه، واستقبل القبلة".

                                                حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان ، قال: أنا شعيب ، عن الزهري، قال: أخبرني عباد بن تميم ، أن عمه -وكان من أصحاب النبي - عليه السلام - أخبره: "أن النبي - عليه السلام - خرج بالناس إلى المصلى يستسقي لهم، فقام فدعا الله -عز وجل- قائما ثم توجه قبل القبلة وحول رداءه فسقوا". .

                                                [ ص: 294 ] حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا المسعودي ، عن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عباد بن تميم ، عن عمه قال: "خرج النبي - عليه السلام - فاستسقى فقلب رداءه، قال: قلت: جعل الأعلى على الأسفل والأسفل على الأعلى؟ قال: لا، بل جعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر".

                                                حدثنا محمد بن النعمان السقطي ، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا الدراوردي ، عن عمارة بن غزية ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قال: " خرج رسول الله - عليه السلام - يستسقي وعليه خميصة سوداء، فأراد النبي - عليه السلام - أن يأخذها بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت عليه أن يحولها قلبها على عاتقه". .

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب ، عن شعبة ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد: "أن رسول الله - عليه السلام - استسقى فقلب رداءه".

                                                ففي هذه الآثار قلبه لردائه، وصفة قلب الرداء كيف كان وأنه إنما جعل ما على يمينه منه على يساره، وما على يساره على يمينه لما ثقل عليه أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، فكذلك نقول: ما أمكن أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه فقلبه كذلك هو، وما لا يمكن ذلك فيه حول لجعل الأيمن منه على الأيسر. والأيسر منه أيمن.

                                                فقد زاد في هذه الآثار على ما في الآثار الأول، فينبغي أن يستعمل ذلك ولا يترك.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قال الآخرون المذكورون ما ذكر في هذه الآثار، وأراد بها الأحاديث التي رويت عن أنس وكعب بن مرة - رضي الله عنها -، بيانه أنه لا يلزم من دعاء النبي - عليه السلام - في خطبته في الأحاديث المذكورة واقتصاره عليه; منع الصلاة بالناس ركعتين، ثم الخطبة وتحويل الرداء، ولكن لما لم يثبت ذلك بمنع الملازمة المذكورة، أشار إلى ما روي فيه من الأحاديث التي تدل على ما ذكروا من الصلاة في الاستسقاء والخطبة وتحويل الرداء، منها: حديث عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري المدني الصحابي، فإن فيه ذكر قلب الرداء وصفته، وزاد بذلك على ما في الأحاديث الأول المذكورة في أول الباب، فينبغي أن يستعمل ذلك ولا يترك.

                                                [ ص: 295 ] وأخرجه من ستة طرق صحاح:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ، عن عباد بن تميم بن غزية الأنصاري المدني ابن أخي عبد الله بن زيد ، عن عبد الله بن زيد الأنصاري - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه مسلم : ثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر، أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: "خرج رسول الله - عليه السلام - إلى المصلى فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة".

                                                وأخرجه البخاري : عن إسحاق ، عن وهب ، عن شعبة ، عن محمد بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد: "أن النبي - عليه السلام - استسقى فقلب رداءه".

                                                وأخرجه أيضا عن أبي نعيم ، عن سفيان ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عمه قال: "خرج النبي - عليه السلام - يستسقى وحول رداءه".

                                                الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن مسدد شيخ البخاري وأبي داود ، عن هشيم بن بشير ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الله بن أبي بكر ... إلى آخره.

                                                وأخرجه ابن ماجه : ثنا محمد بن الصباح، أنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو ، عن عباد بن تميم ، عن عمه، عن النبي - عليه السلام - بمثله.

                                                الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي اليمان الحكم بن نافع شيخ البخاري ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن مسلم الزهري ... إلى آخره.

                                                [ ص: 296 ] وأخرجه البخاري ، وقال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب ، عن الزهري، قال: أخبرني عباد بن تميم، أن عمه -وكان من أصحاب النبي - عليه السلام - أخبره: "أن النبي - عليه السلام - خرج بالناس ليستسقي لهم، فقام فدعا الله قائما، ثم توجه قبل القبلة وحول رداءه، فسقوا".

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير": عن أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، ثنا أبو اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ... إلى آخره.

                                                الرابع: عن محمد بن خزيمة بن راشد ، عن عبد الله بن رجاء الغداني ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ... إلى آخره.

                                                وأخرجه البخاري : ثنا عبد الله بن محمد، ثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تميم ، عن عمه قال: "خرج النبي - عليه السلام - إلى المصلى يستسقي، واستقبل القبلة، فصلى ركعتين، وقلب رداءه". قال سفيان: فأخبرني المسعودي ، عن أبي بكر قال: "جعل اليمين على الشمال".

                                                الخامس: عن محمد بن النعمان السقطي ، عن عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة بن عبد الله بن حميد الحميدي المكي ، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن عمارة بن غزية ، عن عباد بن تميم ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا قتيبة بن سعيد، نا عبد العزيز ، عن عمارة بن غزية ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد قال: "استسقى رسول الله - عليه السلام - وعليه خميصة له سوداء فأراد رسول الله - عليه السلام - أن يأخذها بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت قلبها على عاتقه".

                                                [ ص: 297 ] قوله: "يستسقي" في محل النصب على الحال من الأحوال المقدرة، وكذلك قوله: "وعليه خميصة" جملة حالية، والخميصة بفتح الخاء المعجمة ثوب خز أو صوف معلم، وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة، وجمعها الخمائص.

                                                السادس: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة بن الحجاج ... إلى آخره.

                                                وأخرجه البخاري : ثنا إسحاق، قال: ثنا وهب، قال: أنا شعبة ، عن محمد ابن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد: "أن النبي - عليه السلام - استسقى فقلب رداءه".




                                                الخدمات العلمية