2011 ص: فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بركعتين وهو جالس، ولم يكن ذلك ناقضا لوتره المتقدم، فهذا أولى مما تأوله أهل المقالة الأولى وادعوه من معنى حديث تطوع بعد الوتر علي - رضي الله عنه - أن النبي - عليه السلام - انتهى وتره إلى السحر مع أن ذلك أيضا ليس فيه خلاف عندنا لهذا; لأنه قد يجوز أن يكون وتره ينتهي إلى السحر ثم يتطوع بعده قبل طلوع الفجر.
فإن قال قائل: فيحتمل أن تكون تانك الركعتان هما ركعتا الفجر فلا يكون ذلك من صلاة الليل.
قيل له: لا يجوز ذلك من جهتين:
أما إحداهما: فلأن سعد بن هشام إنما سأل عن صلاة النبي - عليه السلام - بالليل، فكان ذلك منها جوابا لسؤاله، وإخبارا منها إياه عن صلاته بالليل كيف كانت. عائشة
والجهة الأخرى: أنه ليس لأحد أن يصلي ركعتي الفجر جالسا وهو يطيق القيام; لأنه بذلك تارك لقيامها، وإنما يجوز أن يصلي قاعدا وهو يطيق القيام ما
[ ص: 418 ] له أن لا يصليه البتة ويكون له تركه، فيكون كما له تركه بكماله يكون له ترك القيام فيه، فأما ما ليس له تركه فليس له ترك القيام فيه، فثبت بذلك أن تينك الركعتين اللتين تطوع بهما النبي - عليه السلام - بعد الوتر كانتا من صلاة الليل، وفي ذلك ما يجب به قول الذين لم يروا بالتطوع في الليل بعد الوتر بأسا ولم ينقضوا الوتر، . وقد روي عن النبي - عليه السلام - في ذلك من قوله- ما يدل على هذا أيضا - ما قد ذكرنا عنه في حديث ثوبان . - رضي الله عنه -.