الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2575 [ ص: 24 ] 1528 - (2580) - (1\285) عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=683294قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=treesubj&link=29814رأيت ربي - تبارك وتعالى - ".
* قوله: "رأيت ربي": في "المجمع": رجاله رجال الصحيح.
والمتبادر منه رؤية البصر يقظة، ولذلك استدل به nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، ورد به قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله تعالى عنها - حين قيل له: nindex.php?page=hadith&LINKID=657267 "إنهم يقولون: إن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه، فقد أعظم الفرية على الله، فبأي شيء يدفع قولها؟ قال: بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت ربي"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من قولها.
قلت: ولعل من ينكر الرؤية يحمل هذا الحديث على الرؤية بالفؤاد، أو على الرؤية في المنام، ويؤيد الثاني ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاني الليلة ربي - تبارك وتعالى - في أحسن صورة - قال: أحسبه قال: في المنام - ، فقال: يا محمد! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟" الحديث بطوله، وسيذكره المصنف أيضا، فيحتمل أن يكون هذا الحديث اختصارا منه، وكان تلك رؤية منام كما يفيده النظر في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، بل قد جاء ذلك صريحا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ، ففيه أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=939856 "إني نعست ، فاستثقلت نوما، فرأيت ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ " الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وغيره. [ ص: 25 ]
ثم القائلون بالرؤية; كصاحب "التحرير" شارح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، والنووي قد فاتهم هذا الحديث المرفوع، وإنما استدلوا على ذلك بقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الموقوف الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وغيره: أنه رأى محمد ربه، قالوا: والموقوف في مثله له حكم الرفع، وكذا عياض والحافظ ابن حجر قد فاتهما هذا الحديث المرفوع ظاهرا، نعم في رفعه نظر بناء على أنه من رواية عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، والمشهور منه الموقوف، ومثل هذا يضعف الرفع عند قوم، والله تعالى أعلم.
قال الحافظ ابن حجر: قد جاءت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخبار مطلقة، وأخرى مقيدة، فيجب حمل مطلقها على مقيدها، فمن ذلك ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بإسناد صحيح: nindex.php?page=hadith&LINKID=914720 "أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد; "، وما أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: nindex.php?page=hadith&LINKID=665570أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أرسل إلى ابن عباس: nindex.php?page=treesubj&link=30639_28725هل رأى محمد ربه; فأرسل إليه: أن نعم.
قلت: ومنها ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن عكرمة عن
وما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس قال: نظر محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه - تبارك وتعالى - ، nindex.php?page=hadith&LINKID=914720قال عكرمة: فقلت nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس: نظر محمد; قال: نعم، جعل [ ص: 26 ] الكلام لموسى، والخلة لإبراهيم، والنظر لمحمد صلى الله عليه وسلم.
في "المجمع": فيه حفص بن عمر، ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره، وقيل: ثقة.
قال الحافظ: ومنها ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11ما كذب الفؤاد ما رأى [النجم: 11].
قال: رأى ربه بفؤاده مرتين، وله من طريق عطاء عن ابن عباس، قال: رآه بقلبه.
قال الحافظ: وأصرح من ذلك ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه، إنما رآه بقلبه.
وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب، ومال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة إلى ترجيح إثبات الرؤية بالبصر، وحمل ما ورد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على أن الرؤية وقعت مرتين: مرة بعينه، ومرة بقلبه.
قلت: وهذا الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في الجمع بين ما ورد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وإن [ ص: 27 ] جاء عن ابن عباس أيضا كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني: أنه كان يقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه مرتين: مرة ببصره، ومرة بفؤاده.
في "المجمع": رجاله رجال الصحيح، ما عدا واحدا وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، إلا أنه يرده ما تقدم عنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه: رأى ربه مرتين بفؤاده.
والجملة: فإثبات الرؤية بالعين بقول ابن عباس لا يخلو عن إشكال.
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، فقد أنكر صاحب "الهدي " على من قال: إنه قال بالرؤية بالعين، وقال: إنه مرة قال: إنه رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه، وقال مرة: رآه بفؤاده، ثم إنه قد جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر مرفوعا: أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=890788قال صلى الله عليه وسلم: "نور أنى أراه؟!" - بتشديد النون - على لفظ الإنكار، رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: قلت: nindex.php?page=hadith&LINKID=890787يا رسول الله! هل رأيت ربك; فقال: "لا، إنما رأيت جبريل " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه، فالقول بالرؤية بالعين مشكل. .
ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: قول المحققين الوقف; إذ ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل، وليست المسألة من العمليات.
قلت: والذي يتفق عليه غالب الآثار إثبات رؤية القلب، ونفي رؤية العين.
قال الحافظ ابن حجر: ليس المراد برؤية الفؤاد مجرد حصول العلم; [ ص: 28 ] لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالله على الدوام، بل مراد من أثبت له أنه رآه بالقلب: أن الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما تخلق الرؤية بالعين لغيره، والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا، وإن جرت العادة بخلقها في العين، انتهى، والله تعالى أعلم.