الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3835 2053 - (3845) - (1\405) عن عبد الرحمن بن عابس، قال: حدثنا رجل، من همدان - من أصحاب عبد الله، وما سماه لنا - ، قال: لما أراد عبد الله، أن يأتي المدينة، جمع أصحابه، فقال: والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والفقه والعلم بالقرآن، إن هذا القرآن أنزل على حروف، والله إن كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط، فإذا قال القارئ: هذا أقرأني، قال: أحسنت . وإذا قال الآخر، قال: [ ص: 340 ] كلاكما محسن، فأقرأنا: إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، واعتبروا ذاك بقول أحدكم لصاحبه: كذب وفجر، وبقوله إذا صدقه: صدقت وبررت، إن هذا القرآن، لا يختلف ولا يستشن، ولا يتفه لكثرة الرد، فمن قرأه على حرف، فلا يدعه رغبة عنه، ومن قرأه على شيء من تلك الحروف، التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه، يجحد به كله، فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: اعجل، وحي هلا، والله لو أعلم رجلا أعلم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم مني لطلبته، حتى أزداد علمه إلى علمي، إنه سيكون قوم يميتون الصلاة، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان " يعارض بالقرآن في كل رمضان، وإني عرضت في العام الذي قبض فيه مرتين، فأنبأني أني محسن، وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة".

التالي السابق


* قوله: "أن يأتي المدينة": أي: من كوفة.

* قوله: "إني لأرجو أن يكون": أي: الشأن.

* "من أفضل ما": الجار والمجرور صفة لمقدر هو اسم أصبح; أي: ناس هم من أفضل المسلمين.

* "من الدين": "من" تعليلية.

* "إن كان: - مخففة من الثقيلة - .

* "هذا أقرأني": يشير إلى رجل أقرأه.

* "قال": أي: النبي صلى الله عليه وسلم.

* "أحسن": أي: الذي أقرأك، وفي نسخة: "أحسنت" أي: أنت; حيث قرأت منه. [ ص: 341 ]

* "وإذا قال الآخر" أي: مثلما قال الأول.

* "كلاكما محسن": أي: آخذ ببعض حروفه.

* "يهدي إلى البر": أي: يجعل صاحبه موصوفا به، هذا هو الذي يشير إليه كلام ابن مسعود.

* "لا يختلف": أي: لا يناقض بعضه بعضا، بل الكل حق وصدق، أو لا يختلف بأن يكون بعضه بليغا معجزا دون بعض; كما يحصل الاختلاف في كلام غيره تعالى.

* "ولا يستشن": - بتشديد النون - أي: لا يخلق على كثرة الرد، مأخوذ من الشنة: القربة الخلقة.

* "ولا يتفه": - بفتح أوله وثالثه - وهو من الشيء التافه الحقير، يقال: تفه; كعلم، فهو تافه.

* "فلا يدعه": - بالرفع - على الخبر، أو بالجزم على النهي، والأول أوفق بالسابق، والثاني باللاحق، أعني قوله:

* "فإنه من يجحد": - و"من " هذه شرطية جازمة - .

* "فإنما هو": أي: القرآن في التوافق وعدم الاختلاف، أو ذلك الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحروف، وعلى الثاني، ففيه بيان أن الحروف هي اللغات، فكان جائزا لكل قوم أن يقرأه بلغتهم مع مراعاة المعنى; كما في (أعجل)، و(حي هلا).

* "اعجل": أمر من عجل; كفرح.

* "وحي هلا": "حي " - بتشديد الياء - بمعنى هلم، و"هلا" بمعنى: عجل، [ ص: 342 ] يجوز تنوينه وعدمه، وجاز سكون اللام، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة، ويستعمل للحث على الشيء والاستعجال.

* * *




الخدمات العلمية