( لا تأخيره ) يعني أنه [ ص: 398 ] في اللفظ . فيجوز تقديمه عند الكل . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم { لا يشترط في الاستثناء تأخير المستثنى عن المستثنى منه } الحديث " متفق عليه ، وكقول إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين - : الكميت
وما لي إلا آل . شيعة ومالي إلا مذهب الحق مذهب أحمد
( ويصح ) في أحد الوجهين لأصحابنا . قال في الإنصاف : وهو المذهب . قال استثناء النصف ابن هبيرة : الصحة ظاهر المذهب ، وصححه في التصحيح ، وتصحيح المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإرشاد والوجيز والمنور ، ومنتخب الآدمي . وهو ظاهر كلام في التذكرة في الإطلاق والإقرار ; فإنه ذكر فيهما : لا يصح ابن عقيل ، واقتصر عليه . والوجه الثاني : لا يصح ( لا الأكثر ) يعني أنه لا يصح استثناء الأكثر ، كقوله : له علي عشرة إلا ستة ، عند الإمام استثناء أكثر من النصف من عدد مسمى رضي الله تعالى عنه وأصحابه أحمد وأبي يوسف وابن الماجشون ، وأكثر النحاة .وذكر ابن هبيرة : أنه قول أهل اللغة . ونقله أبو حامد الإسفراييني وأبو حيان في الارتشاف عن نحاة البصرة . ونقله ابن السمعاني وغيره عن الأشعري . وقيل : بلى . قال ابن مفلح : وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين : يصح ويستثنى من القول بعدم صحة استثناء الأكثر ما أشير إليه بقوله ( إلا إذا كانت الكثرة من دليل خارج عن اللفظ ) نحو قوله سبحانه وتعالى { إلا من اتبعك من الغاوين } وقوله تعالى { إلا عبادك منهم المخلصين } وقوله تعالى { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } لأن هذا تخصيص بصفة ، فإنه يستثنى بالصفة مجهول من معلوم ومن مجهول ، ويستثنى الجميع أيضا . فلو قال : اقتل من في الدار إلا بني تميم ، أو إلا البيض ، فكانوا كلهم ` بني تميم أو بيضا لم يجز قتلهم ، بخلاف العدد . ثم الجنس ظاهر والعدد صريح ، فلهذا فرقت اللغة بينهما . وبهذا يجاب أيضا عما في الحديث الذي رواه من حديث مسلم { أبي ذر } قال عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل يا عبادي ، كلكم جائع إلا من أطعمته في الواضح عن ذلك : لا خلاف فيه ، لكن اتفقوا على أنه لو أقر بهذه الدار إلا هذا البيت صح ، ولو [ ص: 399 ] كان أكثرها ، بخلاف إلا ثلثيها ، فإنه على الخلاف . ولهذا قال الشيخ في المسودة : لا خلاف في جوازه ، إذا كانت الكثرة من دليل خارج لا من اللفظ . قالوا : كالتخصيص ، وكاستثناء الأقل ، وجوابه واضح ، وعجب من ذكر الخلاف . ثم يحتج بالإجماع أن من أقر بعشرة إلا درهما يلزمه تسعة . ( وحيث بطل ) الاستثناء ( واستثنى منه ) أي من المستثنى ( رجع ) الاستثناء ( إلى ما قبله ) أي ما قبل المستثنى ، وهو المستثنى منه أولا . قال في تصحيح المحرر : جزم به في المغني . وقيل : يبطل الكل وقيل : يعتبر ما يئول إليه الاستثناءات . قال في تصحيح المحرر : اختاره ابن عقيل . القاضي
فيتفرع على ذلك لو قال : له علي عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة . فعلى القول الأول : يلزمه سبعة ، لأن الاستثناء الأول لم يصح فيسقط ، فيبقى كأنه استثنى ثلاثة من عشرة ، وعلى الثاني : يلزمه عشرة ، لبطلان الاستثناءين ، وعلى الثالث : يلزمه ثلاثة ، فكأنه قال : له علي عشرة تلزمني ، إلا عشرة لا تلزمني ، إلا ثلاثة تلزمني