وهو إبداء المعترض معنى يحصل به الفرق بين الأصل والفرع حتى لا يلحق به في حكمه . وهو ( راجع إلى المعارضة في أصل أو فرع ) فيقبل . وقيل : يرجع إلى المعارضة في الأصل والفرع معا فلا يقبل والحادي والعشرون من القوادح ( الفرق ) وهو نوعان . الأول : أن يجعل المعترض تعين صورة الأصل المقيس عليها هو العلة في الحكم . كقول حنبلي في وجوب النية في الوضوء طهارة عن حدث . فوجب لها النية كالتيمم ، فيقول المعترض بالفرق : العلة في الأصل كون الطهارة بتراب لا مطلق الطهارة . فذكر له خصوصية لا تعدوه . وكقول حنفي في التبييت : صوم عين ، فيتأدى بالنية قبل الزوال كالنفل . فيقال : صوم نفل فينبني على السهولة ، فجاز بنية متأخرة ، بخلاف الفرض ، وبالجملة فهذا النوع راجع إلى معارضة في الأصل ، أي معارضة علة المستدل فيه لعلة أخرى ، ولهذا بناه ( ويحتاج القادح في الجمع إلى دلالة وأصل كالجمع ) وكثير من العلماء على تعليل الحكم بعلتين فصاعدا . البيضاوي
ووجه البناء : أن [ ص: 567 ] المعترض عارض علة المستدل بعلة أخرى . فمن منع التعليل بعلتين رآه اعتراضا يلزم منه تعدد المعلل ، وهو ممتنع عنده ، ومن لم يمنع لم يره سؤالا قادحا لجواز كون الحكم له علتان ، وذهب كثير من العلماء إلى عدم البناء .
النوع الثاني : أن يجعل تعين الفرع مانعا من ثبوت حكم الأصل فيه . كقولهم : يقاد المسلم بالذمي ، قياسا على غير المسلم ، بجامع القتل العمد العدوان . فيقول المعترض : تعين الفرع - وهو الإسلام - مانع من وجوب القصاص عليه . ولعله أيضا مبني على جواز التعليل بالقاصرة ، لكن بناه وغيره على الخلاف في النقض إذا كان لمانع : هل يقدح في العلية أو لا ؟ فإن قلنا : لا يقدح ، فهذا كذلك ; لأن الوصف الذي ادعى المستدل عليته لما وجد في الفرع ، وتخلف فيه الحكم لمانع قام به . فهذا نقض لمانع ، فيقدح عند القائل بالقدح بالنقض لمانع ، وإلا فلا فيكون مختار البيضاوي قدح النوع الأول في المستنبطة دون المنصوصة ، وعدم قدح النوع الثاني مطلقا ; لاختيار جواز التعليل بعلتين في المستنبطة دون المنصوصة ، وأن النقض لمانع غير قادح . ومتى قيل : إن القادح في الجمع لا يحتاج إلى دلالة وأصل كالجمع ، كانت دعواه بلا دليل . البيضاوي
( وإن أحب ) المعترض ( إسقاطه ) أي إسقاط ذلك ( عنه طالب المستدل بصحة الجمع ) ومن أمثلة ذلك : صبي غير مكلف فلا يزكي ، كمن لم تبلغه الدعوة فينتقض بعشر زرعه والفطرة ، فسؤال صحيح . بخلاف التفرقة بالفسق بين النبيذ والخمر ; لأنه ليس من حكم العلة .