[ ص: 244 ] فصل في ذكره المجتهد من القدماء ومن الذي حاز الرتبة منهم إلكيا وهو فصل عظيم النفع ، فإن مذاهبهم نقلت إلينا ، ولا بد من معرفة المجتهد منهم ، ليعلم من الذي تعتبر فتواه ، ومن يقدح الإجماع مخالفته ومن لا يقدح - قال : اعلم أن الخلفاء الراشدين الأربعة لا شك في حيازتهم هذه الرتبة - وألحق بهم أهل الشورى الذين جعلهم رضي الله عنهم - قال : وأما عمر فقد مال الأكثرون إلى إخراجه عن أحزاب المجتهدين ، لأنه لم ينقل عنه التصدي للفتوى ، وإنما كان يتصدى للرواية - وتوقف في أبو هريرة رضي الله عنهما ، إذ لم ينقل عنه التصدي للفتوى - وأما ابن عمر فكان فقيه الصحابة ومنتدبا للفتوى - وكذلك ابن مسعود - ابن عباس ممن شهد الرسول بأنه أفرض الأئمة ، والمعتبر تصديه لهذا المعنى من غير نكير ، أو شهادة الرسول ، ومراجعة الأولين له وبعد النزول عن هذه الطبقة العالية ، وزيد بن ثابت وقفة في للشافعي الحسن ، ويقول فيهما : واعظ ومعبر ولم يرهما متصديين لهذا الشأن والظاهر أنهما من المجتهدين ، فإنهما كانا يفتيان على ما قاله وابن سيرين السلف وقال ابن برهان : أما الصحابة فلا شك أن الفقهاء المشهورين منهم [ ص: 245 ] من أهل الاجتهاد ، وأساميهم معلومة في التواريخ ولا شك في كون العشرة من أهل الاجتهاد ، وكذلك من انتشرت فتاويه ، كابن مسعود وغيرهم ، فإنهم كثرت فتاويهم ونقل عن الحنفية أنهم قالوا : وعائشة أبو هريرة وابن عمر وأنس ليسوا فقهاء ، وإنما هم رواة أحاديث وهو باطل ، فإن وجابر أفتى في زمن الصحابة وتأهل للإمامة فزهد فيها ابن عمر ولي القضاء ، وأبو هريرة وأنس أفتيا في زمن الصحابة وأما التابعون فقد اشتهر المجتهدون فيهم ، وجابر كسعيد بن المسيب والأوزاعي والنخعي والشعبي ، وقد نقل عن ، وقد نقل أنه قال في الشافعي الحسن : واعظ ومعبر ، ظن قوم أنه أراد أنهما ليسا من أهل الاجتهاد وهذا باطل فإن وابن سيرين الحسن أفتى في زمن الصحابة ، كذلك وقد شهد لهما أهل عصرهما بالجلالة والإمامة وأما الفقهاء السبعة فأهل للاجتهاد ولا محالة وكذلك الفقهاء الخمسة أرباب المذاهب وقد اختلف أصحابنا وأصحاب وابن سيرين في أبي حنيفة المزني وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وابن سريج ، فمنهم من ألحق هؤلاء برتبة المجتهدين في الدين ، ومنهم من جعلهم من المجتهدين في المذاهب قلت : وما ذكره إلكيا في تابع فيه أبي هريرة القاضي ، فإنه قال : إنه لم يكن مفتيا وإنما كان من الرواة والصواب ما قاله ابن برهان وقد ذكره في ابن حزم وقال الفقهاء من الصحابة عبد العزيز الحنفي في التحقيق " : كان فقيها ، ولم يعدم شيئا من أسباب الاجتهاد ، وقد كان يفتي في زمن الصحابة ، وما كان يفتي في ذلك الزمان إلا فقيه مجتهد وقد جمع أبو هريرة الشيخ أبو الحسن السبكي جزءا في فتاوى قال في المنخول " : والضابط عندنا فيه أن كل من علمنا قطعا أنه [ ص: 246 ] تصدى للفتوى في أعصار الصحابة ولم يمنع عنه فهو من المجتهدين ومن لم يتصد له قطعا فلا ومن ترددنا في ذلك فيه ترددنا في صفته وقد انقسمت الصحابة إلى متنسكين لا يعتنون بالعلم ، وإلى معتنين به فهم المجتهدون ، ولا مطمع في عد آحادهم بعد ذكر الضابط وهو الضابط أيضا في التابعين ، وعد أبي هريرة في الأحكام فقهاء الصحابة فبلغ بهم مائة ونيفا وهذا حيف وقد قال ابن حزم في طبقاته " أكثر الصحابة الملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم كانوا فقهاء ، لأن طريق الفقه فيهم خطاب الله ورسوله وأفعاله ، وكانوا عارفين بذلك ، لنزول القرآن بلغتهم ولهذا قال الشيخ أبو إسحاق أبو عبيد في كتاب المجاز " : لم ينقل أن أحدا من الصحابة رجع في تفسير شيء من القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال : { } غير أن الذي اشتهر منهم بالفتاوى والأحكام جماعة مخصوصة . أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم