الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة إذا استفتى المتنازعان فقيها مع وجود الحاكم ، قال ابن السمعاني : فإن التزما فتياه عملا به ، وإلا فالحاكم أحق بالنظر بينهما . ولو لم يجدا حاكما لم يلزمهما فتيا الفقيه حتى يلتزماه . وإن التزما فتيا الفقيه ثم تنازعا إلى الحاكم فحكم بينهما بغيره لزمهما فتيا الفقيه في الباطن ، وحكم الحاكم في الظاهر . وقيل : يلزمهما حكم الحاكم في الظاهر والباطن ، ولو اختلفا فدعا أحدهما إلى فتوى الفقهاء ، ودعا الآخر إلى حكم الحاكم ، أجيب الداعي إلى حكم الحاكم ، لأن فتيا الفقيه إخبار وحكم الحاكم إجبار ، وإذا دعا الخصم إلى فتاوى الفقهاء لم تجبره ، وإن دعا إلى حكم الحاكم أجبره . وإذا كان الفقيه عدلا والحاكم ليس بعدل فأفتاهما الفقيه بحكم وحكم الحاكم بغيره لزمهما في الباطن أن يعملا بحكم الفقيه ، ولزمهما في الظاهر أن يعملا بحكم الحاكم .

                                                      [ ص: 371 ] وحكي عن بعض الأصوليين أنه لا يجوز للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره ، بل إنما يفتي باجتهاده ، لأنه إنما سئل قوله . فإن سئل عن حكاية قول غيره جازت حكايته . ولو جاز للمفتي أن يفتي بالحكاية جاز للعامي أن يفتي بما في كتب الفقهاء . قال : وإذا أفتاه باجتهاده ثم تغير اجتهاده فإن كان قد عمل به لم يلزمه أن يعرفه بتغير الاجتهاد ، وإلا لزمه . قال : وإذا أفتاه بقول مجمع عليه لم يخبر في القبول فيه . وإن كان مختلفا فيه خير بين أن يقبل منه أو من غيره . وهذه الشبهة على قول من قال : كل مجتهد مصيب ، وكذا إن قلنا : المصيب واحد ، لأنه لا يجب عليه الأخذ بقول واحد من المفتين بغير حجة بأولى من الآخر . فإن كان هذا التخيير معلوما من قصد المفتي لم يجب عليه أن يخيره لفظا ، بل يذكر له قوله فقط . وليس كذلك الحكم ، لأن الحاكم منصوب لقطع الخصومات . قال ابن السمعاني : وعندي أنه لا يجب عليه أن يبين له تخييره ، لأنا بينا أنه لا بد للمستفتي من الاجتهاد في أعيان المفتين ، وإذا وجب عليه ذلك فاختار أحد العلماء باجتهاده فكذلك العامي يلزمه الأخذ بقول هذا العالم ولا يجب تخييره . .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية