مسألة
كرجال فيه وجهان لأصحابنا حكاهما الجمع المنكر ، الشيخ أبو حامد الإسفراييني في اللمع ، والشيخ أبو إسحاق وسليم في التقريب :
أحدهما : أنه عام ، ونصره في كتاب " الإحكام " ، وحكاه ابن حزم ابن برهان عن المعتزلة ، لأنه يصح الاستثناء منه ، قال صاحب المعتمد : حكاه عن القاضي عبد الجبار أبي علي الجبائي ، وحكي عن مخالفته ، وهو قول جمهور الحنفية ، واختاره أبي هاشم البزدوي ، ، وأصحهما كما قال وابن الساعاتي الشيخ أبو حامد وسليم ، أنه ظاهر المذهب ، وعليه عامة أصحابنا ، أنه ليس بعام ، لأن أهل اللغة سموه [ ص: 180 ] نكرة ، ولو تناول جميع الجنس لم يكن نكرة . قال : وعلى هذا فيما يحمل عليه وجهان :
أحدهما : على أقل الجمع وحكاه صاحب " المعتمد " عن . أبي هاشم
والثاني : يحمل على الجمع ولا يقتصر على أقله . قال سليم : والأول أشبه . قال صاحب " الميزان " : وأصل الخلاف أن تعم عند النكرة في سياق الإثبات المعتزلة على طريق البدل ، كما قالوا في خصال الكفارة .
ومنهم من حكى في المسألة ثلاثة مذاهب ، أصحها ليس بعام .
والثاني : عام ، وهو رأي المعتزلة والحنفية ، حيث قالوا : العام ما انتظم جمعا من المسميات .
والثالث : أنه واسطة بينهما ، وهو قول صدر الشريعة من الحنفية ، وهو غريب . تنبيهان
أحدهما : أطلقوا الخلاف . قال الصفي الهندي : والذي أظنه أن الخلاف في غير جمع القلة ، وإلا فالخلاف فيه بعيد جدا إذ هو مخالف لنصهم ، فإنهم نصوا على أنه للعشرة فما دونها بطريق الحقيقة ، فالقول بأنه للعموم بطريق الحقيقة مخالف لقولهم ، انتهى .
لكن حكاه الجمهور عن الجبائي ، ومنهم في مختصر التقريب مصرحا بأنه يجعل الجمع المنكر بمنزلة المعرف ، وقضية ذلك عدم التفرقة بين جموع القلة والكثرة ، وهو قضية كلام القاضي أبو بكر البزدوي ، أعني أن [ ص: 181 ] جموع القلة للعموم وإن كانت منكرة ، وعلى هذا فيحمل على أقل الجمع الصالح له ، لكن فرق بعض الحنفية بينهما ، فقال في ، جمع القلة المنكر : يحمل على المتيقن ، وهو أقل الجمع . وجمع الكثرة يحمل على العموم وإن كان نكرة
ويشهد لذلك أيضا أنهم حكوا عن الجبائي صحة . الاستثناء من الجمع المنكر
وهي مسألة خلاف بين النحويين ، فمنهم من جوزه ، لأن النكرة مترددة بين محال غير متناهية ، لأنها عامة على البدل ، فحسن الاستثناء من أجل عموم المحال ، وعلى هذا فنقول : جاءني رجال إلا زيد ، وقيل بالمنع ، وهو الصحيح عند الجمهور ، لأن النكرة لا تتناول أكثر من فرد بلفظها ، فيكون الإخراج منها محالا ، ولهذا كانت في قوله تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } للوصف لا الاستثناء ، ويقوي الأول قوله تعالى : { إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا } ، فإنهم نصوا على أن أل الجنسية في المعنى كالنكرة لعدم التعيين .
الثاني : أن القائلين بأنه عام ينبغي أن يعلم أن مرادهم باعتبار صلاحيته لأفراد الجموع لا استغراق الأفراد .