[ ص: 132 ] nindex.php?page=treesubj&link=21135اسم الجنس إذا أدخلت عليه الألف واللام
وأما اسم الجنس بأقسامه السابقة ، فإذا دخلت عليه الألف واللام سواء الاسم كالذهب والفضة ، أو الصفة المشتقة كالضارب ، والمضروب ، والقائم والسارق ، والسارقة ، فإن كان للعهد فخاص ، سواء الذكري كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كما أرسلنا إلى فرعون رسولا . فعصى فرعون الرسول } أو الذهني كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=27ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا } فإن اللام في الرسول للعهد ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يجر له ذكر في اللفظ .
وإن لم يرد به معهود ، فاختلفوا فيه على أقوال :
أحدها : أنه يفيد استغراق الجنس ، ونقل عن نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الرسالة " و "
البويطي " ونقله أصحابه عنه في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع } ، وهو كذلك في " الأم " من رواية
الربيع ، ويدل عليه قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=8ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } إنكارا على قول
عبد الله بن أبي ( ليخرجن الأعز منها الأذل ) فدل على أن اسم الجنس المعرف يعم ، ولولا ذلك لما تطابق ، والفقهاء كالمجمعين عليه في استدلالهم بنحو {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة } {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني } وهو الحق ; لأن الجنس معلوم قبل دخول الألف واللام ، فإذا دخلتا ولا معهود ، فلو لم يجعله للاستغراق لم يفد شيئا جديدا .
[ ص: 133 ]
وقال الأستاذ
أبو إسحاق الإسفراييني ،
وسليم الرازي في " التقريب " : " إنه المذهب " ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور عن القائلين بالصيغ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب : وهو قول جمهور الأصوليين ، وكافة الفقهاء . وقال به
أبو عبد الله الجرجاني ، ونسبه لأصحابه الحنفية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : إنه مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره من الفقهاء . وقال
الباجي : " إنه الصحيح " ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وابن برهان ،
وابن السمعاني والجبائي ، ونصره
عبد الجبار ، وصححه
إلكيا الطبري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب ، ونقله
الآمدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأكثرين ، ونقله
الإمام فخر الدين عن
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد والفقهاء .
قلت : ونص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه فإنه قال : قولك شربت ماء البحر محكوم بفساده ، لعدم الإمكان ولولا اقتضاؤه العموم لما جاء الفساد .
لكن اختلف أصحابنا في أن العموم فيه من حيث اللفظ أو المعنى على وجهين ، حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد ،
وسليم الرازي في " التقريب " ،
وابن السمعاني في " القواطع " ، وصحح
ابن السمعاني أنه من حيث المعنى ، وكأنه لما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة } فهم أن القطع من أجل السرقة .
وصحح
سليم أنه من جهة اللفظ ; لأن اللام إما للعهد وهو مفقود ، فبقي أن يكون لاستغراق الجنس ، وذلك مأخوذ من اللفظ ، وشرط بعضهم لإفادته العموم أن يصلح أن يخلف اللام فيه " كل " كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إن الإنسان لفي خسر } ولهذا صح الاستثناء منه .
والثاني : أنه يفيد تعريف الجنس ، ولا يحمل على الاستغراق إلا بدليل ،
[ ص: 134 ] وحكاه صاحب " المعتمد " عن
nindex.php?page=showalam&ids=12187أبي هاشم وحكاه صاحب " الميزان " عن
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبي علي الفارسي النحوي ، واختاره الإمام
فخر الدين وأتباعه ، وحكى بعض شراح " اللمع " عن
الجبائي أنه على العهد ، ولا يقتضي الجنس ، قال : وحقيقة هذا القول أنه إذا لم يعرف عين المعهود صار مجملا ، لأنه لا يعرف المراد إلا بتفسير ، وهذا صفة المجمل .
والثالث : أنه مشترك يصلح للواحد والجنس ، ولبعض الجنس ، ولا يصرف إلى الكل إلا بدليل ، وحكاه
الغزالي وقال
الأستاذ أبو إسحاق : ذهب بعض أصحابنا إلى أنه مجمل يحكم بظاهره ، ويطلب دليل المراد به .
والرابع : التفصيل بين ما فيه الهاء ، وبين ما لا هاء فيه ، فما ليس فيه الهاء للجنس عند فقدانها ، وفي القسم الآخر التوقف ، ونقله
الإبياري عن
إمام الحرمين ، وقال : إنه الصحيح ، والذي في البرهان ونقله عنه
المازري أنه إن تجرد عن عهد فللجنس ، نحو الزانية والزاني ، وإن لاح عدم قصد المتكلم للجنس فللاستغراق ، نحو الدينار أشرف من الدرهم ، وإن لم يعلم هل خرج على عهد أو إشعار بجنس فمجمل ، وأنه حيث يعم لا يعم بصيغة اللفظ ، وإنما ثبت عمومه ، وتناوله الجنس بحالة مقترنة معه مشعرة بالجنس .
الخامس : التفصيل بين أن يتميز لفظ الواحد فيه عن الجنس بالتاء كالتمر والتمرة ، فإذا عري عن التاء اقتضى الاستغراق ، كقوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62420لا تبيعوا البر بالبر ، والتمر بالتمر } قال في " المنخول " :
[ ص: 135 ] وأنكره
الفراء مستدلا بجواز جمعه على تمور ، ورد بأنه جمع على اللفظ لا المعنى . وإن لم تدخل فيه التاء للتوحيد ; فإن لم يتشخص مدلوله ، ولم يتعدد " كالذهب " فهو لاستغراق الجنس ، إذ لا يعبر عن أبعاضه بالذهب الواحد ، وإن تشخص مدلوله وتعدد كالدينار والرجل ، فيحتمل العموم ، نحو {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62421لا يقتل المسلم بالكافر } ، ويحتمل تعريف الماهية ، ولا يحمل على العموم إلا بدليل ، وإنما : الجنس قولك ، الدينار أفضل من الدرهم بقرينة التسعير .
وهذا التفصيل ذكره
الغزالي في " المستصفى " ، و " المنخول " ، واختاره
الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد والمريسي ، ونازعه بعض المغاربة فيما ذكره في الدينار والرجل . وقال الحق ما حققه وهو في كتاب " معيار العلم " في الاسم المفرد إذ دخل عليه الألف واللام لتعريف الجنس ، فإنه أطلق فيه اقتضاءه الاستغراق بمجرده ، ولا يحتاج فيه إلى قرينة زائدة .
وقال في " المستصفى " : يحتمل كونها للعهد أو الجنس . وكأنه حقيقة فيهما ، وهذا تناقض . قال : والعموم فيه غير عموم الحكم لكل واحد ،
[ ص: 136 ] فإن عموم الاسم المفرد إنما معناه أنه يدل على معنى يدخل تحته كثرة تشمله ، ويصح أن يخبر به عن كل واحد منها ، وهذا معنى كون المفرد كليا ، وأما العموم الآخر ، وهو عموم الحكم لكل واحد ، فلا يكون إلا في قول : كخبر ، أو أمر ، أو نهي ، مثل : الإنسان في خسر ، واقتلوا المشركين ، والحكم في قولك : خسر ، وكذلك القتل في الأمر . انتهى .
وحكى
الإمام وابن القشيري عن بعض القائلين بصيغ العموم أن ما كان من أسماء الأجناس يجمع كالتمر والتمور ، فإن ذلك لا يقتضي الاستغراق ; لأن ذلك إنما يؤخذ منه حالة الجمع . قال
الإمام : وهذا لا حاصل له ، فإن الاستغراق ثابت في أسماء الأجناس ، ويرد عليهم امتناع قول القائل : تمر واحد ، وهو أظهر من متعلقهم في الجمع .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : الناقة تجمع على نوق ، ثم النوق تجمع على نياق ، وهما من أبنية الكثرة ، ثم يجمع النياق على أينق هو ، وهو مقلوب آنق أو أنيق ، والأفعل من جمع القلة .
ثم قال
الإمام : والحق أن التمر أقعد بالعموم من التمور ، لاسترساله على الآحاد لا بصيغة لفظية ، وأما التمور فإنه يرد إلى تخيل الوحدات ثم يجيء الاستغراق بعده من صيغة الجمع . قال شارحوه : يريد أن مطلق لفظ التمر بإزاء المعنى المشتمل للآحاد ، والتمر يلتفت فيه إلى الواحد ، فلا يحكم فيه على الحقيقة بل على أفرادها .
وحاصله أنه إذا قال : تمور ، فقد تخيل رده إلى الواحد عند إرادة الجمع ، وأراد دلالته على الجنس ، وهي غير مختلف فيها ، وصير دلالة الجنس إلى لفظ الجمع الذي فيه خلاف . وقوله : الجمع يرد إلى تخيل الوحدات ، ينبغي أن يضاف إليه . " المقصودة " ، وإلا فاسم الجنس يتخيل فيه
[ ص: 137 ] الوحدات ، لكن آحاده غير مقصودة بخلاف الجمع ، وتمثيله بالتمر معرفا يؤخذ منه أن التمر مفرد ، وأن المفرد المعرف باللام يعم .
وقد اختلف في التمر : هل هو اسم جنس ، لأنه تميز به ، ولا تميز إلا بأسماء الأجناس ، أو جمع تمرة يفرق بين واحده وجمعه بالتاء ؟ والصواب : الأول ، فإن التمر لا يدل على أفراد مقصودة بالعدد وإنما يجمع إذا قصدت أنواعه لا أفراده ، فهو في أصل وضعه كماء .
وقد قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( كل آمن بالله وملائكته وكتابه ) وقال : " كتابه أكثر من كتبه " يريد أن كتابه ينصرف إلى جنس كتب الله المنزلة ، فدلالته أعم من كتبه ، لأن كتبه جمع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لأن الكتاب واحد نحي به نحو الجنس ، فهو أبلغ في العموم من الجمع ، فمعناه مفردا أدل على الاستغراق منه جمعا ، وفي قوله : نحى به نحو اسم الجنس ، ما يحتمل أن يريد غير اسم الجنس ، لأن ما نحي به نحو الشيء غير ذلك الشيء ، فيجوز أن يكون يرى أن تمرا اسم جمع لا جمع كرهط وقوم ، وهو قول ، ففي تمر إذن ثلاثة أقوال ، وقال في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17والملك على أرجائها } إن الملك أعم من الملائكة ، وذكر هذا المعنى في مواضع .
واعلم أن هذا الخلاف نظير الخلاف السابق في الألف واللام الداخلة على الجمع ويزيد هاهنا مذاهب أخرى كما بينا .
وحاصله أن الألف واللام الداخلة على المفرد أو الجمع تفيد الاستغراق فيهما جميعا عند معظم الأصوليين ، إلا إذا كان معهودا .
والثاني : أنه لمطلق الجنس فيهما لا الاستغراق ، وهو أحد
[ ص: 138 ] قولي
nindex.php?page=showalam&ids=12187أبي هاشم من
المعتزلة .
والثالث : وهو قوله الآخر إنه في المفرد لمطلق الجنس ، وفي الجمع لمطلق الجمع ، لا للاستغراق إلا بدليل آخر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إذا دخلت على المفرد كان صالحا لأن يراد به الجنس إلى أن يحاط به ، وأن يراد به بعضه إلى الواحد منه ، وإذا دخلت على الجمع صح أن يراد به جميع الجنس ، وأن يراد به بعضه لا إلى الواحد ، وهذا منقوض بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد } فإن الحرمة غير متوقفة على الجمع وقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فنادته الملائكة } .
والصحيح ما ذهب إليه العامة بدليل قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إن الإنسان لفي خسر } والمراد به كل الجنس بدليل استثناء المؤمنين منه ، وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=4لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=227إلا الذين آمنوا } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إن الإنسان خلق هلوعا } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22إلا المصلين } ، واستثناء المصلين دال على الاستغراق ، وكذلك قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62422الحنطة بالحنطة } والمراد به كل جنس الحنطة ، ولنا
[ ص: 139 ] في الجمع قوله تعالى : ( يأيها الناس ) والمراد به كل الجنس ، وكذا قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8والخيل والبغال والحمير } والمراد به الكل ، والمعقول في المسألة أن مطلق الجنس كان مستفادا قبل دخول اللام ، ولا بد لدخولها من فائدة ، وليس ذلك إلا الاستغراق .
والحاصل أن الألف واللام الداخلة على اسم الجنس ، إما أن يقصد بها العهد فلا إشكال في عدم عمومه ، وإما أن يقصد بها تعريف اسم الجنس فلا إشكال في عمومه ، وإما أن يشكل الحال فهل يحمل على العموم أو العهد ؟ خلاف ، والصحيح التعميم ، وإما أن يقصد تعريف الماهية ، أي حقيقة الجنس مع قطع النظر عن الأفراد ، فهي لبيان الحقيقة .
ومنه قولك : الرجل أفضل من المرأة ، قال
ابن القشيري في أصوله : هذا مما ترددوا فيه ، فقيل : لاستغراق الجنس . وقيل : لا واختار
الإمام التفصيل بين أن يعرف هنا بناء على تنكير سابق ، مثل أن يقول : اقتل رجلا ثم يقول : اقتل الرجل ، فلا يقتضي العموم ، فإن قاله ابتداء فللجنس ، وإن لم يدر هل خرج تعريفا لنكرة سابقة أو إشعارا بالجنس ، فميل المعظم إلى أنه للجنس .
والحق عندنا أنه مجمل ، فإنه من حيث يعم لا يعم بصيغة اللفظ ، بل لاقتران حالة مشعرة بالجنس ، فإذا لم توجد لم يتجه إلى التوقف ، وإما أن يدخل للمح الصفة كالحسن والحسين ، أو للغلبة كالنجم للثريا ، فلا إشكال في عدم عمومها كغيرها من الأعلام .
[ ص: 132 ] nindex.php?page=treesubj&link=21135اسْمُ الْجِنْسِ إذَا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ
وَأَمَّا اسْمُ الْجِنْسِ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ ، فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ سَوَاءٌ الِاسْمُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، أَوْ الصِّفَةُ الْمُشْتَقَّةُ كَالضَّارِبِ ، وَالْمَضْرُوبِ ، وَالْقَائِمِ وَالسَّارِقِ ، وَالسَّارِقَةِ ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَهْدِ فَخَاصٌّ ، سَوَاءٌ الذِّكْرِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كَمَا أَرْسَلْنَا إلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا . فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } أَوْ الذِّهْنِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=27وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْت مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا } فَإِنَّ اللَّامَ فِي الرَّسُولِ لِلْعَهْدِ ، وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فِي اللَّفْظِ .
وَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِهِ مَعْهُودٌ ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ :
أَحَدِهَا : أَنَّهُ يُفِيدُ اسْتِغْرَاقَ الْجِنْسِ ، وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي " الرِّسَالَةِ " وَ "
الْبُوَيْطِيِّ " وَنَقَلَهُ أَصْحَابُهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي " الْأُمِّ " مِنْ رِوَايَةِ
الرَّبِيعِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=8وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } إنْكَارًا عَلَى قَوْلِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ( لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ يَعُمُّ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَطَابَقَ ، وَالْفُقَهَاءُ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَيْهِ فِي اسْتِدْلَالِهِمْ بِنَحْوِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي } وَهُوَ الْحَقُّ ; لِأَنَّ الْجِنْسَ مَعْلُومٌ قَبْلَ دُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ ، فَإِذَا دَخَلَتَا وَلَا مَعْهُودَ ، فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا جَدِيدًا .
[ ص: 133 ]
وَقَالَ الْأُسْتَاذ
أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ ،
وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ " : " إنَّهُ الْمَذْهَبُ " ، وَنَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْقَائِلِينَ بِالصِّيَغِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ : وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ ، وَكَافَّةِ الْفُقَهَاءِ . وَقَالَ بِهِ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ ، وَنَسَبَهُ لِأَصْحَابِهِ الْحَنَفِيَّةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14979الْقُرْطُبِيُّ : إنَّهُ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ . وَقَالَ
الْبَاجِيُّ : " إنَّهُ الصَّحِيحُ " ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ بَرْهَانٍ ،
وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَالْجُبَّائِيُّ ، وَنَصَرَهُ
عَبْدُ الْجَبَّارِ ، وَصَحَّحَهُ
إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12671وَابْنُ الْحَاجِبِ ، وَنَقَلَهُ
الْآمِدِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ ، وَنَقَلَهُ
الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ وَالْفُقَهَاءِ .
قُلْت : وَنَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ : قَوْلُك شَرِبْت مَاءَ الْبَحْرِ مَحْكُومٌ بِفَسَادِهِ ، لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَلَوْلَا اقْتِضَاؤُهُ الْعُمُومَ لَمَا جَاءَ الْفَسَادُ .
لَكِنْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْعُمُومَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهَيْنِ ، حَكَاهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ،
وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ " ،
وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " ، وَصَحَّحَ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } فُهِمَ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ أَجْلِ السَّرِقَةِ .
وَصَحَّحَ
سُلَيْمٌ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ ; لِأَنَّ اللَّامَ إمَّا لِلْعَهْدِ وَهُوَ مَفْقُودٌ ، فَبَقِيَ أَنْ يَكُونَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ ، وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّفْظِ ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِإِفَادَتِهِ الْعُمُومَ أَنْ يَصْلُحَ أَنْ يَخْلُفَ اللَّامَ فِيهِ " كُلُّ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } وَلِهَذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يُفِيدُ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ إلَّا بِدَلِيلٍ ،
[ ص: 134 ] وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12187أَبِي هَاشِمٍ وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمِيزَانِ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ النَّحْوِيِّ ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ
فَخْرُ الدِّينِ وَأَتْبَاعُهُ ، وَحَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ " اللُّمَعِ " عَنْ
الْجُبَّائِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْعَهْدِ ، وَلَا يَقْتَضِي الْجِنْسَ ، قَالَ : وَحَقِيقَةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْمَعْهُودِ صَارَ مُجْمَلًا ، لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُرَادَ إلَّا بِتَفْسِيرٍ ، وَهَذَا صِفَةُ الْمُجْمَلِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجِنْسِ ، وَلِبَعْضِ الْجِنْسِ ، وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْكُلِّ إلَّا بِدَلِيلٍ ، وَحَكَاهُ
الْغَزَالِيُّ وَقَالَ
الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ : ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ يُحْكَمُ بِظَاهِرِهِ ، وَيُطْلَبُ دَلِيلُ الْمُرَادِ بِهِ .
وَالرَّابِعُ : التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا فِيهِ الْهَاءُ ، وَبَيْنَ مَا لَا هَاءَ فِيهِ ، فَمَا لَيْسَ فِيهِ الْهَاءُ لِلْجِنْسِ عِنْدَ فِقْدَانِهَا ، وَفِي الْقِسْمِ الْآخَرِ التَّوَقُّفُ ، وَنَقَلَهُ
الْإِبْيَارِيُّ عَنْ
إمَامِ الْحَرَمَيْنِ ، وَقَالَ : إنَّهُ الصَّحِيحُ ، وَاَلَّذِي فِي الْبُرْهَانِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ
الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ عَهْدٍ فَلِلْجِنْسِ ، نَحْوُ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ، وَإِنْ لَاحَ عَدَمُ قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ لِلْجِنْسِ فَلِلِاسْتِغْرَاقِ ، نَحْوُ الدِّينَارُ أَشْرَفُ مِنْ الدِّرْهَمِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ خَرَجَ عَلَى عَهْدٍ أَوْ إشْعَارٍ بِجِنْسٍ فَمُجْمَلٌ ، وَأَنَّهُ حَيْثُ يَعُمُّ لَا يَعُمُّ بِصِيغَةِ اللَّفْظِ ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ عُمُومُهُ ، وَتَنَاوَلَهُ الْجِنْسُ بِحَالَةٍ مُقْتَرِنَةٍ مَعَهُ مُشْعِرَةٍ بِالْجِنْسِ .
الْخَامِسُ : التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَيَّزَ لَفْظُ الْوَاحِدِ فِيهِ عَنْ الْجِنْسِ بِالتَّاءِ كَالتَّمْرِ وَالتَّمْرَةِ ، فَإِذَا عُرِّيَ عَنْ التَّاءِ اقْتَضَى الِاسْتِغْرَاقَ ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62420لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ ، وَالتَّمْرَ بِالتَّمْرِ } قَالَ فِي " الْمَنْخُولِ " :
[ ص: 135 ] وَأَنْكَرَهُ
الْفَرَّاءُ مُسْتَدِلًّا بِجَوَازِ جَمْعِهِ عَلَى تُمُورٍ ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ جُمِعَ عَلَى اللَّفْظِ لَا الْمَعْنَى . وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِيهِ التَّاءُ لِلتَّوْحِيدِ ; فَإِنْ لَمْ يَتَشَخَّصْ مَدْلُولُهُ ، وَلَمْ يَتَعَدَّدْ " كَالذَّهَبِ " فَهُوَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ ، إذْ لَا يُعَبَّرُ عَنْ أَبْعَاضِهِ بِالذَّهَبِ الْوَاحِدِ ، وَإِنْ تَشَخَّصَ مَدْلُولُهُ وَتَعَدَّدَ كَالدِّينَارِ وَالرَّجُلِ ، فَيَحْتَمِلُ الْعُمُومَ ، نَحْوُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62421لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ } ، وَيَحْتَمِلُ تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّةِ ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ إلَّا بِدَلِيلٍ ، وَإِنَّمَا : الْجِنْسُ قَوْلُك ، الدِّينَارُ أَفْضَلُ مِنْ الدِّرْهَمِ بِقَرِينَةِ التَّسْعِيرِ .
وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ
الْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى " ، وَ " الْمَنْخُولِ " ، وَاخْتَارَهُ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْمَرِيسِيُّ ، وَنَازَعَهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الدِّينَارِ وَالرَّجُلِ . وَقَالَ الْحَقُّ مَا حَقَّقَهُ وَهُوَ فِي كِتَابِ " مِعْيَارِ الْعِلْمِ " فِي الِاسْمِ الْمُفْرَدِ إذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ اقْتِضَاءَهُ الِاسْتِغْرَاقَ بِمُجَرَّدِهِ ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَرِينَةٍ زَائِدَةٍ .
وَقَالَ فِي " الْمُسْتَصْفَى " : يُحْتَمَلُ كَوْنُهَا لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ . وَكَأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ . قَالَ : وَالْعُمُومُ فِيهِ غَيْرُ عُمُومِ الْحُكْمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ،
[ ص: 136 ] فَإِنَّ عُمُومَ الِاسْمِ الْمُفْرَدِ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى يَدْخُلُ تَحْتَهُ كَثْرَةٌ تَشْمَلُهُ ، وَيَصِحُّ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ، وَهَذَا مَعْنَى كَوْنِ الْمُفْرَدِ كُلِّيًّا ، وَأَمَّا الْعُمُومُ الْآخَرُ ، وَهُوَ عُمُومُ الْحُكْمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ، فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي قَوْلٍ : كَخَبَرٍ ، أَوْ أَمْرٍ ، أَوْ نَهْيٍ ، مِثْلُ : الْإِنْسَانُ فِي خُسْرٍ ، وَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَالْحُكْمُ فِي قَوْلِك : خُسْرٍ ، وَكَذَلِكَ الْقَتْلُ فِي الْأَمْرِ . انْتَهَى .
وَحَكَى
الْإِمَامُ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ بَعْضِ الْقَائِلِينَ بِصِيَغِ الْعُمُومِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ يُجْمَعُ كَالتَّمْرِ وَالتُّمُورِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَالَةُ الْجَمْعِ . قَالَ
الْإِمَامُ : وَهَذَا لَا حَاصِلَ لَهُ ، فَإِنَّ الِاسْتِغْرَاقَ ثَابِتٌ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ ، وَيَرِدُ عَلَيْهِمْ امْتِنَاعُ قَوْلِ الْقَائِلِ : تَمْرٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ فِي الْجَمْعِ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : النَّاقَةُ تُجْمَعُ عَلَى نُوقٍ ، ثُمَّ النُّوقُ تُجْمَعُ عَلَى نِيَاقٍ ، وَهُمَا مِنْ أَبْنِيَةِ الْكَثْرَةِ ، ثُمَّ يُجْمَعُ النِّيَاقُ عَلَى أَيْنُقْ هُوَ ، وَهُوَ مَقْلُوبُ آنِقٍ أَوْ أَنِيقً ، وَالْأَفْعَلُ مِنْ جَمْعِ الْقِلَّةِ .
ثُمَّ قَالَ
الْإِمَامُ : وَالْحَقُّ أَنَّ التَّمْرَ أَقْعَدُ بِالْعُمُومِ مِنْ التُّمُورِ ، لِاسْتِرْسَالِهِ عَلَى الْآحَادِ لَا بِصِيغَةٍ لَفْظِيَّةٍ ، وَأَمَّا التُّمُورُ فَإِنَّهُ يَرِدُ إلَى تَخَيُّلِ الْوَحَدَاتِ ثُمَّ يَجِيءُ الِاسْتِغْرَاقُ بَعْدَهُ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ . قَالَ شَارِحُوهُ : يُرِيدُ أَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ التَّمْرِ بِإِزَاءِ الْمَعْنَى الْمُشْتَمِلِ لِلْآحَادِ ، وَالتَّمْرُ يُلْتَفَتُ فِيهِ إلَى الْوَاحِدِ ، فَلَا يَحْكُمُ فِيهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ بَلْ عَلَى أَفْرَادِهَا .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ : تُمُورٌ ، فَقَدْ تَخَيَّلَ رَدَّهُ إلَى الْوَاحِدِ عِنْدَ إرَادَةِ الْجَمْعِ ، وَأَرَادَ دَلَالَتَهُ عَلَى الْجِنْسِ ، وَهِيَ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهَا ، وَصَيَّرَ دَلَالَةَ الْجِنْسِ إلَى لَفْظِ الْجَمْعِ الَّذِي فِيهِ خِلَافٌ . وَقَوْلُهُ : الْجَمْعُ يُرَدُّ إلَى تَخَيُّلِ الْوَحَدَاتِ ، يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ . " الْمَقْصُودَةُ " ، وَإِلَّا فَاسْمُ الْجِنْسِ يَتَخَيَّلُ فِيهِ
[ ص: 137 ] الْوَحَدَاتِ ، لَكِنَّ آحَادَهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِخِلَافِ الْجَمْعِ ، وَتَمْثِيلُهُ بِالتَّمْرِ مُعَرَّفًا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّمْرَ مُفْرَدٌ ، وَأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُعَرَّفَ بِاللَّامِ يَعُمُّ .
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي التَّمْرِ : هَلْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ ، لِأَنَّهُ تَمَيَّزَ بِهِ ، وَلَا تَمَيُّزَ إلَّا بِأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ ، أَوْ جَمْعُ تَمْرَةٍ يُفَرَّقُ بَيْنَ وَاحِدِهِ وَجَمْعِهِ بِالتَّاءِ ؟ وَالصَّوَابُ : الْأَوَّلُ ، فَإِنَّ التَّمْرَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَفْرَادٍ مَقْصُودَةٍ بِالْعَدَدِ وَإِنَّمَا يُجْمَعُ إذَا قَصَدْت أَنْوَاعَهُ لَا أَفْرَادَهُ ، فَهُوَ فِي أَصْلِ وَضْعِهِ كَمَاءٍ .
وَقَدْ قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : ( كُلٌّ آمَنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ ) وَقَالَ : " كِتَابُهُ أَكْثَرُ مِنْ كُتُبِهِ " يُرِيدُ أَنَّ كِتَابَهُ يَنْصَرِفُ إلَى جِنْسِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ ، فَدَلَالَتُهُ أَعَمُّ مِنْ كُتُبِهِ ، لِأَنَّ كُتُبَهُ جَمْعٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِأَنَّ الْكِتَابَ وَاحِدٌ نُحِيَ بِهِ نَحْوُ الْجِنْسِ ، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْعُمُومِ مِنْ الْجَمْعِ ، فَمَعْنَاهُ مُفْرَدًا أَدَلُّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ مِنْهُ جَمْعًا ، وَفِي قَوْلِهِ : نَحَّى بِهِ نَحْوَ اسْمِ الْجِنْسِ ، مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ اسْمِ الْجِنْسِ ، لِأَنَّ مَا نُحِيَ بِهِ نَحْوُ الشَّيْءِ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَرَى أَنَّ تَمْرًا اسْمُ جَمْعٍ لَا جَمْعٌ كَرَهْطٍ وَقَوْمٍ ، وَهُوَ قَوْلٌ ، فَفِي تَمْرٍ إذَنْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا } إنَّ الْمَلَكَ أَعَمُّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ ، وَذُكِرَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ نَظِيرُ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْجَمْعِ وَيَزِيدُ هَاهُنَا مَذَاهِبُ أُخْرَى كَمَا بَيَّنَّا .
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْمُفْرَدِ أَوْ الْجَمْعِ تُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ فِيهِمَا جَمِيعًا عِنْدَ مُعْظَمِ الْأُصُولِيِّينَ ، إلَّا إذَا كَانَ مَعْهُودًا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْجِنْسِ فِيهِمَا لَا الِاسْتِغْرَاقِ ، وَهُوَ أَحَدُ
[ ص: 138 ] قَوْلَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=12187أَبِي هَاشِمٍ مِنْ
الْمُعْتَزِلَةِ .
وَالثَّالِثُ : وَهُوَ قَوْلُهُ الْآخَرُ إنَّهُ فِي الْمُفْرَدِ لِمُطْلَقِ الْجِنْسِ ، وَفِي الْجَمْعِ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ ، لَا لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُفْرَدِ كَانَ صَالِحًا لَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ إلَى أَنْ يُحَاطَ بِهِ ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ بَعْضُهُ إلَى الْوَاحِدِ مِنْهُ ، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ صَحَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ بَعْضُهُ لَا إلَى الْوَاحِدِ ، وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } فَإِنَّ الْحُرْمَةَ غَيْرُ مُتَوَقِّفَةٍ عَلَى الْجَمْعِ وقَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ } .
وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَامَّةُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ الْجِنْسِ بِدَلِيلِ اسْتِثْنَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=4لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=227إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22إلَّا الْمُصَلِّينَ } ، وَاسْتِثْنَاءُ الْمُصَلِّينَ دَالٌّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62422الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ } وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ جِنْسِ الْحِنْطَةِ ، وَلَنَا
[ ص: 139 ] فِي الْجَمْعِ قَوْله تَعَالَى : ( يَأَيُّهَا النَّاسُ ) وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ الْجِنْسِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ } وَالْمُرَادُ بِهِ الْكُلُّ ، وَالْمَعْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مُطْلَقَ الْجِنْسِ كَانَ مُسْتَفَادًا قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ ، وَلَا بُدَّ لِدُخُولِهَا مِنْ فَائِدَةٍ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا الِاسْتِغْرَاقَ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الدَّاخِلَةَ عَلَى اسْمِ الْجِنْسِ ، إمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا الْعَهْدَ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ عُمُومِهِ ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا تَعْرِيفَ اسْمِ الْجِنْسِ فَلَا إشْكَالَ فِي عُمُومِهِ ، وَإِمَّا أَنْ يُشْكِلَ الْحَالُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ الْعَهْدِ ؟ خِلَافٌ ، وَالصَّحِيحُ التَّعْمِيمُ ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّةِ ، أَيْ حَقِيقَةَ الْجِنْسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْأَفْرَادِ ، فَهِيَ لِبَيَانِ الْحَقِيقَةِ .
وَمِنْهُ قَوْلُك : الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْأَةِ ، قَالَ
ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ : هَذَا مِمَّا تَرَدَّدُوا فِيهِ ، فَقِيلَ : لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ . وَقِيلَ : لَا وَاخْتَارَ
الْإِمَامُ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يُعَرِّفَ هُنَا بِنَاءً عَلَى تَنْكِيرٍ سَابِقٍ ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : اُقْتُلْ رَجُلًا ثُمَّ يَقُولَ : اُقْتُلْ الرَّجُلَ ، فَلَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ ، فَإِنْ قَالَهُ ابْتِدَاءً فَلِلْجِنْسِ ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ هَلْ خَرَجَ تَعْرِيفًا لِنَكِرَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ إشْعَارًا بِالْجِنْسِ ، فَمَيْلُ الْمُعْظَمِ إلَى أَنَّهُ لِلْجِنْسِ .
وَالْحَقُّ عِنْدَنَا أَنَّهُ مُجْمَلٌ ، فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ يَعُمُّ لَا يَعُمُّ بِصِيغَةِ اللَّفْظِ ، بَلْ لِاقْتِرَانِ حَالَةٍ مُشْعِرَةٍ بِالْجِنْسِ ، فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ لَمْ يُتَّجَهْ إلَى التَّوَقُّفِ ، وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلَ لِلَمْحِ الصِّفَةِ كَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، أَوْ لِلْغَلَبَةِ كَالنَّجْمِ لِلثُّرَيَّا ، فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ عُمُومِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْلَامِ .