ووجب حذف الهمزة بعد إلقاء حركتها; إذ أصل تغييرها للاستثقال، وبقاؤها ساكنة بعد إلقاء حركتها أثقل من بقائها متحركة.
وخص من باب إلقاء الحركة ما هو من كلمتين دون ما هو من كلمة; لأن الكلمة أخف من الكلمتين; [فلم يستثقل فيها ما يستثقل في الكلمتين]، وأيضا فإن النقل فيما هو من كلمة فيه التباس; لأن ورش القرآن [البقرة: 185]، [ ص: 228 ] و الظمآن [النور: 39]: يلتبسان بـ (فعال) و (فعال)، وهما (فعلان)، و(فعلان)، وكذلك أكثر الباب، ونظير ذلك إدغامهم من وال [الرعد: 11]، ولم يدغموا صنوان [الرعد: 4].
ونقله في {ردا يصدقني} [القصص: 34]: يجوز أن يكون على وجه الجمع بين اللغتين إن جعل من (الردء) الذي هو المعين، ويجوز أن يكون لا أصل له في الهمز; من قولهم: (أردى على المئة) ; إذا زاد عليها.
ولم ينقل إلى حروف المد واللين; إذ المد الذي فيها بمنزلة الحركة، فكان إلقاء الحركة عليها كالإلقاء على المتحرك، ولأنها تختل بزوال المد منها مع تحركها، ولأن الألف -وهي أمها- لا تتحرك، والياء والواو أختاها، وألقى على الواو والياء المفتوح ما قبلهما; لأنهما بمنزلة الحروف السالمة; لجواز الإدغام فيهما.
ومن روى النقل إلى هاء السكت; فلأنها لما ثبتت في الوصل; حملا للوصل [ ص: 229 ] على الوقف; أشبهت الحرف الأصلي، ومن لم ينقل إليها; فلأنها إنما ثبتت في الوصل والنية الوقف عليها; إذ لا حظ لها في الوصل، وإنما هي في الوقف لبيان الحركة، فصارت لذلك في حكم الانفصال من الهمزة.
وموافقة من وافقه في {ردا يصدقني} [القصص: 34]; لما قدمناه، وفي آلآن [يونس: 51، 91]; لئلا يجتمع الساكنان; على مذهب من يرى: أن الهمزة التي تصحب لام التعريف تبدل -إذا دخلت عليها همزة الاستفهام- ألفا، ولأن الكلمة تثقل باجتماع ثلاث همزات إحداهن بين بين; على مذهب من يرى: أن الهمزة التي تصحب لام التعريف تجعل مع همزة الاستفهام بين بين، ولم تثقل الكلمة فيما لا استفهام فيه; نحو: الآن خفف الله عنكم [الأنفال: 66]; كثقلها مع الاستفهام.
ومن وافقه على عادا الأولى [النجم: 50]; فإنه ألقى الحركة على اللام، وأخذ فيها بمذهب من يعتد بالحركة العارضة; ليصح له فيها الإدغام.
وقال بعض القراء: إنما اختير فيه نقل الحركة; لأنه مكتوب في مصحف أبي -فيما روي-: {عادا لولى}، ليس بين الدال واللام سوى [ ص: 230 ] ألف واحدة، فهو مكتوب على لغة نقل الحركة; كما كتب: {ليكة} [الشعراء: 176]، وليست المحذوفة المعوضة من التنوين; لأنها لم تحذف في غير هذا الموضع. وابن مسعود