[ ص: 254 ] اختصار علل هذه الأصول:
الإمالة في أغلب الأمر تقريب، أو دلالة; فـ (التقريب): أن تقرب الألف من الياء; من أجل كسرة أو ياء; لتشاكل اللفظ، و (الدلالة): أن تكون الألف منقلبة عن ياء، فتمال; ليدل بإمالتها على أصلها.
والعلل الموجبة للإمالة تسع:
الأولى: كسرة تكون قبل الألف أو بعده.
والثانية: ياء تكون قبل الألف أو بعده.
والثالثة: انقلاب الألف عن الياء.
والرابعة: شبه الألف بذوات الياء; لرجوعها إليها في بعض الأحوال.
والخامسة: أن يكون الحرف الذي قبل الألف قد يكسر في حال.
والسادسة: الإمالة للإمالة.
والسابعة: الفرق بين ما هو اسم وما هو حرف.
والثامنة: التشبيه بالمشبه.
والتاسعة: الإمالة لكثرة الاستعمال.
فالكسرة قبل الألف نحو: (عماد)، والكسرة بعده نحو: (عابد).
والياء قبله نحو: (كيال)، والياء بعده نحو: (ساير).
[ ص: 255 ] وانقلاب الألف عن الياء نحو: (رمى) في الأفعال، و (الهدى) في الأسماء.
والمشبه بذوات الياء: (غزا) و (عفا) ; لرجوعهما إلى الياء في نحو: (أغزيت)، [وأعفيت]، وكذلك ألف (حبلى)، وشبهه، وهي مشبهة بذوات الياء; لانقلابها ياء في التثنية.
والذي قد ينكسر ما قبل الألف فيه في حال نحو: (شاء)، و (جاء); لأنك تقول: (شئت)، و (جئت).
والإمالة للإمالة نحو: إمالة الألف المعوضة من التنوين في نحو: (رأيت عمادا); لإمالة الألف الأولى.
والإمالة للفرق بين الاسم والحرف نحو: إمالة ما جاء على حرفين من حروف التهجي.
والتشبيه بالمشبه نحو ما حكاه سيبويه من إمالة: (طلبنا زيد)، قال: كأنه شبهها بألف (حبلى); حيث كانت آخر الكلام، ولم تكن بدلا من ياء.
والإمالة لكثرة الاستعمال كإمالتهم: (الحجاج) إذا كان اسما لرجل.
هذه علل الإمالة، وقد بسطت القول فيها في “الكبير”، وأنا ذاكر بعد هذا نكتا من علل القراء فيما أمالوه من الأصول المتقدم ذكرها إن شاء الله تعالى.
[ ص: 256 ] فمن ذلك: الألف التي بعدها راء مكسورة في موضع اللام من الفعل، فمن خص هذا الأصل بالإمالة; فلقوة الكسرة في الراء; بسبب التكرير الذي فيها، فهي ككسرتين; ولذلك منعت المستعلي من منع الإمالة، فأميل (طارد)، و (ضارب)، واختصت الراء التي هي لام الفعل; لكونها طرفا، فالألف التي قبلها قريبة من الطرف، فالتغيير فيها أقوى; لأن التغيير في الأطراف أكثر منه في الأوساط.
وفتح أبو عمرو جبارين [المائدة: 22]; لأنه في موضع نصب، وكسرته للبناء، وكذلك: أنصاري [آل عمران: 52] موضعه رفع، وكسرته للبناء، والجار [النساء: 36]; للجمع بين اللغتين، ولا وجه لقول من قال: فتحه لقلة دوره; لأنه يميل الغار [التوبة: 40].
ومن أمال الجوار [الشورى: 32]، وشبهه; لم يفرق بين كسرة الإعراب والبناء، وساوى بين الأطراف والأوساط.
فأما هار [التوبة: 109]; فيجوز أن تكون العين منه محذوفة، فتكون [ ص: 257 ] كسرته على هذا للإعراب، ويجوز أن يكون مقلوبا، قدمت الراء إلى موضع العين، وحذفت العين; لدخول التنوين عليها، فكسرة الراء على هذا للبناء، وقد حكي في (شاك السلاح) وشبهه القلب والحذف.
ومن خص ما تكررت فيه الراء بالإمالة; فإنه طلب الخفة والمجانسة; لئلا يخرج من راء مفتوحة مفخمة إلى أخرى مكسورة مرققة، فقويت الراء المكسورة على المفتوحة; كما تقوى على المستعلي، وذكرت الموانع من الإمالة في نحو: (ظالم) و (طالب) وعلة منعها في “الكبير”.