التفسير :
قوله : قال هذا رحمة من ربي أي : هذا التمكين رحمة من ربي .
وقوله : جعله دكاء أي : لاصقا بالأرض .
وقوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض : قيل : يوم يخرجون من السد ، وقيل : يوم فراغ ذي القرنين من عمله ، فالضمير على هذين القولين ليأجوج ومأجوج .
[ ص: 229 ] وقيل : معنى ذلك : يوم القيامة ، فيكون الضمير على هذا لجميع الخلق .
ومعنى {يموج} : يضطرب ، ومنه : الموج في البحر ، فشبه حالهم بحال الماء المضطرب موجه .
وقوله : ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أن الصور ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيام لرب العالمين " .
وروي : أن جهنم تعرض عليهم يومئذ كهيئة السراب .
وقوله : الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري : يريد : أعين قلوبهم ؛ لأن أعين الأبصار لا ترى الذكر ؛ لأنه ليس بشخص .
وقوله : وكانوا لا يستطيعون سمعا أي : كانوا لشدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيعون أن يسمعوا منه .
وقوله : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء يعني : من عبد الآلهة .
وقوله : إنا أعتدنا جهنم للكافرين نـزلا أي : منزلا : وقيل : (النزل ) : الطعام .
[ ص: 230 ] وقوله : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا : روي عن علي رضي الله عنه : أنها في أهل الكتاب ، وعنه أيضا : أنها في الرهبان ، وعنه أيضا : أنها في أهل حروراء من الخوارج ، وقيل : هي في الصابئين .
وقوله : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا : قيل : هو تمثيل ؛ للتحقير بالكافر .
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم ، الأكول ، الشروب ، فلا يزن جناح بعوضة ، اقرؤوا إن شئتم : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " .
وقوله : كانت لهم جنات الفردوس نـزلا : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الفردوس أعلى الجنة وأوسطها ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تتفجر أنهار الجنة " .
أبو هريرة : {الفردوس} : جبل في الجنة ، يتفجر منه أنهارها .
مجاهد : هو البستان بالرومية .
كعب الأحبار : {الفردوس} : الذي فيه الأعناب .
قتادة : هو أطيب موضع في الجنة .
وقيل : {الفردوس} : الأودية التي تنبت ضروبا من النبات .
ومعنى : كانت لهم جنات الفردوس نـزلا : أي منازل .
[ ص: 231 ] وقوله : لا يبغون عنها حولا : قال مجاهد : أي متحولا ، وقيل : هو من الحيلة ؛ ومعناه : لا يحتالون في غيرها .
وقوله : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي : قال مجاهد : يعني : العلم .
ولو جئنا بمثله مددا : أي : ولو مددنا البحر بمثله .
وقوله : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا : قال ابن المبارك : المعنى : فمن كان يرجو النظر إلى ربه ؛ فـ {يرجو} بمعنى : يطمع .
ابن جبير : يرجو ثواب لقاء ربه .
وقيل : المعنى : فمن كان يخاف لقاء ربه ؛ أي : يخاف عقابه .
وقوله : ولا يشرك بعبادة ربه أحدا : قال مجاهد ، والحسن ، وابن جبير : يعني : الرياء .
ابن عباس : المعنى : لا يعبد غيره .
و (الرياء ) عند العلماء ، الشرك الأصغر ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم شركا .
قال بعض العلماء : إنما الرياء في التطوع ، فأما الفرائض ؛ فلا رياء فيها ؛ لتساوي الناس في وجوب أدائها وإظهارها ، فما عرض فيها من ذلك ؛ فهو خاطر ، وليس برياء .
[ ص: 232 ] وقال بعض العلماء : لا رياء في أهل السنة ؛ لأنهم يعتقدون أن أعمالهم من من الله تعالى عليهم ، وتوفيق منه لهم ، بخلاف ما تعتقده القدرية من أن أعمالهم من أنفسهم ، وباستطاعتهم .


