الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم القول في الجمع والإفراد في (الأمانة) و (الصلاة) .

                                                                                                                                                                                                                                      والإفراد في {العظام} ; لأنه اسم جنس يدل على الكثرة، وقيل: إنما ذهب إلى اللفظ; أي: لفظ إفراد الإنسان، والنطفة، وما ذكر معها، ومن جمع; أراد عموم جميع الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح السين من {سيناء} ; فظاهر، وهو كـ (حمراء) ، ولا ينصرف في معرفة ولا نكرة; لهمزة التأنيث والصفة، وقيل: لهمزة التأنيث ولزومها، ولا تكون الهمزة للإلحاق; لأن (فعلالا) لم يأت في الكلام إلا في المضاعف; كـ (الزلزال) و (القلقال) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن كسر السين; فالهمزة فيه منقلبة عن ياء، وهو ملحق بـ(قرطاس) ; كـ (علباء) ، و (حرباء) ، فهو (فعلاء) ، ولا تكون الألف للتأنيث ويكون (فعلاء) ; إذ ليس في الكلام مثله، ولم ينصرف; لأنه جعل اسم بقعة، أو أرض، فاجتمع فيه التأنيث والتعريف، وكذلك {سينين} [التين:2]، لم ينصرف وهو (فعليل) ; [ ص: 486 ] كـ (خنذيذ) ; لأنه اسم بقعة، أو أرض، وهو معرفة أيضا، ولا يكون {سينين} كـ (غسلين) ; لأن الأخفش وغيره حكوا أن واحدته (سينينة) ، و (غسلين) لم تدخل عليه هاء التأنيث، ولا يكون مثل (سنين) ، و (أرضين) ; لأن التأنيث لم يلحق هذا الجمع.

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش: {سيناء} : اسم أعجمي معرفة، فهو كامرأة سميت بـ (جعفر) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تنبت} ; جاز أن يكون التقدير: تنبت وفيها الدهن، كما تقدم، ويجوز أن تكون الباء للتعدية; كقولك: (ذهبت بزيد) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تنبت} ; جاز أن تكون الباء زائدة، وجاز أن يكون المفعول محذوفا، على ما قدمناه في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تنبت} ; فهو على ترك تسمية الفاعل; والمعنى: تنبت ودهنها فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 487 ] وقوله: وقل رب أنـزلني منـزلا مباركا : {منـزلا} : يجوز أن يراد به المكان، ويجوز أن يراد به المصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {منـزلا} ; جاز أن يكون مصدر (أنزل) ; ومعناه: إنزالا، وجاز أن يكون اسما للمكان; كأنه قال: أنزلني مكانا مباركا، فيكون مفعولا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون : قد قدمنا مذهب سيبويه، ومذهب الأخفش وتقديره فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب المبرد إلى أن (أن) الثانية تأكيد للأولى; لأن البدل من (أن) لا يكون إلا بعد تمام صلتها; [فيلزم أيضا - على قوله - ألا يكون تأكيدا]; لأن التوكيد لا يكون إلا بعد تمام الوصول بصلته، وصلته الخبر، وتمامه عند قوله: {مخرجون} .

                                                                                                                                                                                                                                      والعامل في {إذا} مضمر; كأنه قال: أيعدكم أنكم يحدث إذا متم إخراجكم؟ ولا يعمل فيها (الإخراج) ; لأنه تقدمة للصلة على الموصول، ولا يعمل فيه {متم} ; لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 488 ] ومن فتح التاء في هيهات هيهات ; فهو واحد، وهو اسم ينوب عن البعد، والمراد فيه، التعريف، كأنه قال: البعد البعد، والفتحة فيه للبناء، بنيت; لما فيها من معنى الإشارة، ولأن هاء التأنيث بمنزلة شيء ضم إلى شيء، فبنيا على الفتح; كـ (خمسة عشر) ، ويجوز أن يكون الفتح إتباعا للألف والفتحة التي قبلها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن كسر التاء; أراد الجمع، وهو جمع (هيها) ، حكي عن العرب: (هيها) ; بمعنى: {هيهات} ، وسقطت ألف (هيهاات) ; لالتقاء الساكنين.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون جمعا لـ {هيهات} المفتوحة، وحذفت تاء التأنيث; كما حذفت من (مسلمة) إذا قالوا (مسلمات) ، وحذفت الألف التي قبلها; لالتقاء الساكنين، ووجب البناء فيها والمراد: الجمع; لما فيها من معنى الإشارة، وجعل البناء على الكسر; لما كان الواحد والجمع بالألف والتاء، فجعل الجمع وإن كان مبنيا مكسور التاء، لأنه جمع في موضع فتح أوجبه البناء; تشبيها بالمعرب في قولك: (مسلمات) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {هيهات} ; بالتنوين; فهو جمع حسب ما تقدم، لكنه ذهب به [ ص: 489 ] إلى التنكير; كأنه قال: بعدا بعدا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {هيهات} ; بالرفع; جاز أن يكون أخلصها اسما معربا فيه معنى البعد، ولم يجعله اسما للفعل; فيبنيه ، وقوله لما توعدون : خبر عنه; كأنه قال: البعد لوعدكم، ويجوز أن يكون بناها على الضم، ثم اعتقد فيها التنكير، فنون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: هيهات هيهات ; فبعيد; للجمع بين الساكنين، ووجهه: أنه حمل الوصل على الوقف، وقد تقدم القول في مثله، ويجوز أن يكون جمعا، وهو أشبه; لوجود التاء في الوقف، ويجوز أن يكون واحدا على لغة من قال (عليك السلام والرحمت) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن وقف عليها بالهاء وهو يفتح; فهو الوجه، لأنها كهاء (أرطاة) .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الكسائي: إن شئت وقفت بالهاء، وإن شئت وقفت بالتاء، ومن وقف بالتاء، فلأنها في المصحف كذلك، و {هيهات} في أغلب الأمور مصاحبة [ ص: 490 ] لمثلها، وهي تشبه الفعل، والفعل يقتضي الفاعل، فلما أشبهته; كان ذلك أدعى في اللفظ إلى إدراجها، وهي في الإدراج تاء.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن كسر التاء; وقف عليها بالتاء; لأنه جمع، فهو كـ (بيضة، وبيضات) .

                                                                                                                                                                                                                                      وحكى اللحياني في "نوادره" سوى ما ذكرناه (أيهات أيهات) ، و (إيهات إيهات) ، و (إيهات إيهان) ، و (أيهات أيها) ، وإذا لم يكن بعد (هيهات) لام; رفع ما بعدها; كما قال: [من الطويل].

                                                                                                                                                                                                                                      فهيهات هيهات العقيق وأهله....وهيهات خل بالعقيق نواصله وقوله: ثم أرسلنا رسلنا تترى : من قرأ بغير تنوين; فهي (فعلى) من (المواترة) ، كما قدمناه، وتاؤها منقلبة عن واو، وألفها للتأنيث، وموضعها [ ص: 491 ] نصب على المصدر، فهي:كـ (الدعوى) ، و (الذكرى) ، ويجوز أن يكون نصبا على الحال من (الرسل) ; أي: أرسلنا رسلنا متتابعين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نون; جاز أن يكون مصدرا، أدخل فيه التنوين على فتح الراء; كقولك: (حمدا وشكرا) ، فالوقف على هذا على الألف المعوضة من التنوين، ويجوز أن يكون ملحقا بـ (جعفر) ، فيكون مثل: (أرطى) ، فإذا وقف على هذا الوجه; جازت الإمالة، على أن ينوي الوقف على الألف الملحقة.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية