الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: سورة أنـزلناها أي: هذه سورة أنزلناها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {وفرضناها} : فرضنا العمل بما فيها، ومن شدد; فمعناه: بيناها، وقيل: فصلناها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله فاجلدوهم ثمانين جلدة أي: اجلدوا كل واحد منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويدرأ عنها العذاب أي: يدفع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم أي: لنال الكاذب منكم عذاب عظيم; فحذف; لدلالة المعنى عليه، وتقدم ذكر كل ما لم أذكره ههنا في الأحكام.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 522 ] وقوله: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم نزلت هذه الآية في عائشة رضي الله عليها، حين تكلم فيها أهل الإفك، وهو خبر مشهور أغنى اشتهاره عن ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      و إن الذين جاءوا بالإفك : قيل: هم عبد الله بن أبي، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، و والذي تولى كبره منهم : عبد الله بن أبي، قاله ابن عباس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن عائشة رضي الله عنها: أنه حسان بن ثابت، وأنها قالت حين ذهب بصره: لعل العذاب العظيم الذي أوعده الله به ذهاب بصره، وروي عنها أيضا: أنه عبد الله بن أبي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لا تحسبوه شرا لكم : الخطاب لعائشة، وأهلها، وصفوان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا الآية: هذا عتاب من الله ـ تعالى ـ للمؤمنين في ظنهم حين قال أصحاب الإفك ما قالوه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 523 ] قال ابن زيد: المعنى: هلا ظن المؤمنون أن المؤمن لا يفجر بأمه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إذ تلقونه بألسنتكم : قال مجاهد، وغيره: أي: يرويه بعضكم عن بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تلقونه} ; فهو من (ولق الكذب) ، يقال: (ولق يلق) ; إذا أسرع في الكذب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تلقونه} ; فالمعنى: تلقونه من أفواهكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا : قال مجاهد: أي: ينهاكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة يعني: الزنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا : قال ابن عباس: لمعنى: ما اهتدى أحد من الخلق لشيء ينتفع به، ولا لشيء من الشر يدفعه عن نفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: المعنى: ما أسلم منكم أحد أبدا، قال: وكل شيء في القرآن {زكا} و {تزكى} [طه:76]; فهو الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا يأتل أولو الفضل منكم الآية، {يأتل} : (يفتعل) ، من (الألية) ، روي ذلك عن ابن عباس وغيره، وقال [ ص: 524 ] ابن عباس: المعنى: لا تقسموا ألا تنفعوا أحدا.

                                                                                                                                                                                                                                      قالت عائشة رضي الله عنها: كان أبو بكر ينفق على مسطح; لقرابته، وفقره، فقال: والله لا أنفق عليه بعد ما قال في عائشة; فنزلت الآية; فقال أبو بكر رضي الله عنه حين نزلت: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فالتقدير على هذا: ولا يحلف أولو الفضل منكم; كراهة أن يؤتوا أولي القربى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: ولا يقصر أولو الفضل [منكم ، من قولهم: (ما ألوت في كذا) ; أي ما قصرت ; والمعنى: ولا يقصر أولو الفضل منكم عن أن يؤتوا أولي القربى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة : هذا وعيد عام في قول ابن عباس وغيره; إن الذين يرمون الأنفس المحصنات، وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال: هو مخصوص في أمهات المؤمنين، وقاله الضحاك.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: هو في عائشة خاصة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يوم تشهد عليهم ألسنتهم : قيل: معناه: ألسنة أنفسهم، وقيل: ألسنة بعضهم على بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 525 ] وقوله: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق أي: حسابهم وجزاءهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: الخبيثات للخبيثين الآية: قال ابن زيد: المعنى: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، وكذلك: والخبيثون للخبيثات ، وكذلك والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات .

                                                                                                                                                                                                                                      [مجاهد، وابن جبير، وعطاء: المعنى: الكلمات الخبيثات للخبيثين، وكذلك: والخبيثون للخبيثات ، والكلمات الطيبات للطيبين من الناس، وكذلك والطيبون للطيبات ].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن هذه الآية مبنية على قوله: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة الآية; فـ{الخبيثات} : الزاوني، و {الطيبات} : العفائف، وكذلك: {والخبيثون} و {الطيبون} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أولئك مبرءون مما يقولون : قيل: يعني به: الجنس، وقيل: عائشة وصفوان; فجمع; كما قال: فإن كان له إخوة [النساء:11].

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية