التفسير:
قد تقدم ذكر الفلاح والخشوع.
[ ص: 477 ] والذين هم عن اللغو معرضون : قال وقوله: {اللغو} : الباطل، الضحاك: الشك، ابن عباس: المعاصي، وقيل: هو الشرك بالله عز وجل، وتقدم القول في معنى {اللغو} في اللغة. الحسن:
وقوله: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون : (الأمانات) عامة في كل ما اؤتمن المرء عليه، وقيل: المراد بها ههنا: الصلاة، والطهر من الجنابة، وغيرهما من الفرائض.
وتقدم القول في معنى (الوارثين) ، و {الفردوس} .
وقوله: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين : قال قتادة: استل آدم من طين، و (السلالة) : صفوة الشيء التي تجري منه، فإنها تستل منه.
وقيل: قيل لآدم: {سلالة} ; لأنه استل من كل تربة.
وعن ابن عباس، (السلالة) : نطفة آدم، و {الإنسان} : يراد به: ولده. ومجاهد
وقوله: من طين يعني به: آدم عليه السلام، يدل على ذلك قوله: ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، وهذا اختيار الطبري.
وقوله: في قرار مكين أي: مكن بأن هيئ لاستقراره فيه إلى بلوغ أجله فيه.
[ ص: 478 ] وقوله: ثم أنشأناه خلقا آخر : قال وغيره: يعني: نفخ الروح فيه. ابن عباس،
ذكرا أو أنثى. الحسن:
الضحاك: يعني: الأسنان، وخروج الشعر.
وقوله: فتبارك الله أحسن الخالقين : قال أي: أحسن الصانعين، وهذا اختيار مجاهد: والعرب تسمي كل صانع: خالقا. الطبري،
وقيل: معناه: أحسن المقدرين; لأن تقديره ـ تعالى ـ تام، والناس يقدرون، ولا يتمون ما يقدرونه.
إنما قال ذلك; لأن ابن جريج: عيسى ـ عليه السلام ـ كان يخلق بإذن الله عز وجل.
وقيل: إنما قال ذلك; لأن المشركين خلقوا تماثيل، ولم ينفخوا فيها أرواحا، وخلق الله تعالى، ونفخ الروح.
ويروى: أن هذا نزل على لسان عمر لما سمع الآية، إلى قوله: ثم أنشأناه خلقا آخر ، قال: تبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت الآية.
وقوله: ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق : قال يعني: السماوات الطباق. ابن زيد:
سبع سماوات، وقيل لها: طرائق; لأن بعضها فوق بعض; [ ص: 479 ] من قولهم: (طارقت النعل) ; إذا جعلت بعضه فوق بعض. أبو عبيدة
وقوله: وما كنا عن الخلق غافلين : [أي: ما كنا عن السماء غافلين]; فتسقط عليكم.
وقيل: المعنى: ما كنا عن إحصاء أعمال الخلق غافلين، مع كون سبع سماوات فوقهم.
[ويحتمل أن يكون المعنى: أن خلقه ـ تعالى ـ السماوات على عظمها لم يشغله عما سواه من الخلق].
وقوله: وأنـزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه يعني به: الأنهار الخمسة: النيل، ودجلة، والفرات، وسيحون، وجيحون، وأنها من عيون من الجنة، وأنها ترفع من الأرض عند خروج يأجوج ومأجوج، فهو قوله: ابن عباس وإنا على ذهاب به لقادرون .
كل ما في الأرض فأصله من السماء. ابن جريج:
وقوله: وشجرة تخرج من طور سيناء يعني: شجرة الزيتون، عن قتادة، وغيره.
و طور سيناء : الجبل الذي نودي منه موسى عليه السلام.
معنى {سيناء} : المبارك. مجاهد:
[ ص: 480 ] هو جبل بيت المقدس، ممدود من مصر إلى أيلة. ابن زيد:
(الطور) : الجبل، و {سيناء} : اسم الموضع. أبو عبيدة:
قتادة: {سيناء} ، و {سينين} [التين:2]: حسن، وكان يجب على هذا أن ينون {طور} ، ويكون {سينين} ، و {سيناء} نعتين له.
وقوله: تنبت بالدهن أي: تنبت ومعها الدهن.
ومن قرأ: {تنبت} ; فالباء زائدة، أو يكون على تقدير: تنبت ثمرها بالدهن.
وقوله: وصبغ للآكلين يعني: أن الزيت يؤتدم به، روي معناه عن ابن عباس، غيره.
وقوله: إن هو إلا رجل به جنة أي: جنون.
وقوله: فتربصوا به حتى حين : قال الفراء: ليس يراد بـ (الحين) هنا وقت بعينه، إنما هو كقولك: (دعه إلى يوم ما) .
[ ص: 481 ] وقوله: وقل رب أنـزلني منـزلا مباركا : (المنزل) : بمعنى: النزول; كقولك: (جلس مجلسا) ، (المنزل) : موضع النزول.
قال مجاهد: قال هذا حين خرج من السفينة، وقيل: حيث دخلها.
وكل ما لم أذكره من الآي، فلأنه قد ذكر فيما سلف، فقد قدمنا أنا لا نترك إلا ذكر ما ذكرناه، فلا نكرره، أو ما كان جليا لا خفاء فيه.
وقوله: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون المعنى: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم [وكنتم ترابا وعظاما؟]، فـ (أن) الثانية بدل من الأولى، هذا مذهب سيبويه.
والتقدير عند أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما يحدث إخراجكم؟ فـ (أن) الثانية في موضع رفع بفعل مضمر. الأخفش:
وقوله: هيهات هيهات لما توعدون : {هيهات} : يستعمل بمعنى: البعد، [ ص: 482 ] يقال: هيهات ما قلت، وهيهات لما قلت; أي: البعد ما قلت، والبعد لما قلت.
وقوله: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا أي: يموت قوم، ويحيا قوم.
وقيل المعنى: نحيا ونموت، على التقديم والتأخير.
وقوله: قال عما قليل أي: عن قليل، و (ما) ، مؤكدة، وقيل: المعنى: عن زمان قليل.
وقوله: فجعلناهم غثاء : (الغثاء) : المتفتت البالي من الشجر، يحمله السيل، عن وغيره. ابن عباس،
وقوله: ثم أرسلنا رسلنا تترى أي: متواترين، يتبع بعضهم بعضا، عن وغيره، وهي (فعلى) من (المواترة) ، التاء مبدلة من واو، وقيل: هي من (الوتر) ; وهو الفرد; فالمعنى; أرسلناهم فردا فردا. ابن عباس،
وقوله: وجعلناهم أحاديث يعني: الأمم المكذبة، ولا يقال: (جعلته حديثا) إلا في الشر، وتقدم القول في وجعلنا ابن مريم وأمه آية .
وقوله: وآويناهما إلى ربوة يعني: مكانا مرتفعا، قال أبو هريرة: يعني: فلسطين، ابن عباس وابن المسيب: دمشق، قتادة: بيت المقدس، ابن زيد: مصر.
[ ص: 483 ] وقوله: ذات قرار ومعين : قال يستقر عليها، وفيها ماء معين; أي: جار ظاهر للعيون، و {معين} : يجوز أن يكون مفعولا; كـ (مبيع) . ابن جبير:
قال هو الماء الجاري في العيون، أو يكون معناه: الذي يرى بالعيون، ويجوز أن يكون (فعيلا) من (المعن) ; وهو الشيء القليل، ومنه قيل للزكاة: (ماعون) ; (فاعول) ; لأنها شيء قليل من المال. الزجاج:
علي بن سليمان: يقال: (معن الماء) ; إذا جرى، فهو (معين) ، و (ممعون) .
(معن الماء يمعن معونا) : جرى وسهل، و(أمعنته أنا) . ابن الأعرابي:
(المعن) : الاستقامة. الفراء:
القراءات {لأمانتهم} ; بالتوحيد، وجمع الباقون. ابن كثير:
حمزة، {على صلاتهم يحافظون} ; بالتوحيد، وجمع الباقون. والكسائي:
ابن عامر، وأبو بكر: {عظما فكسونا العظم} ، والباقون: {عظاما} ، و {العظام} .
[ ص: 484 ] نافع، وابن كثير، {من طور سيناء} ; بكسر السين، وفتحها الباقون. وأبو عمرو:
ابن كثير، {تنبت} ; بضم التاء، وكسر الباء، والباقون: بفتح التاء، وضم الباء. وأبو عمرو:
وعن ابن هرمز، والحسن، {تنبت} ; بضم التاء، وفتح الباء. والزهري:
أبو بكر عن : ( أنزلني منزلا ) ، والباقون ( منزلا ) عاصم ابن محيصن: {رب انصرني}; بضم الباء، وروى ذلك حسن بن محمد، عن شبل، عن ابن كثير.
ابن القعقاع: {هيهات هيهات}; بكسر التاء فيهما.
عيسى الثقفي: {هيهات هيهات}; بالتنوين.
[أبو حيوة: {هيهات هيهات} ; بالرفع والتنوين].
{هيهات هيهات} ; بالإسكان. عيسى الهمداني:
[ ص: 485 ] ابن كثير، {تترا} ; بالتنوين. وأبو عمرو: